“نيويورك تايمز” تنشر مقالاً لكاتب فلسطيني يتخذ من فيروس كورونا ذريعة للتهجم على إسرائيل

الصورة من موقع www.pexels.com

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية يوم 24 مارس/آذار 2020 مقالاً في صفحة الرأي الخاصة بها بقلم المحامي والناشط الفلسطيني المقيم في رام الله رجا شحادة تحت عنوان “إبقى يقظًا – رسالة من صاحب خبرة في نظام حظر التجوال“. على الرغم من أن مقال السيد شحادة يعبر عن رأيه الشخصي، وفريق عمل “كاميرا” يشدد دائماً على ضرورة حماية حرية التعبير، إلا أن المقال يُعدّ وللأسف نموذجًا صاتعاً لإختلال التوازن اللائق بين هذه الحرية والتقيد بالحقائق التاريخية، وهو ما يدفعنا للتعليق عليه.

إذ يتخذ شحادة من حالة الهلع التي تعمّ نيويورك بسبب انتشار فيروس كورونا فيها مبررًا لمهاجمة إسرائيل من خلال إجراء مقارنة بين التعليمات الصادرة عن السلطات الأمريكية لسكان الولايات المتحدة بملازمة منازلهم منعًا لتفشي الوباء وبين نظام منع التجول الذي كانت إسرائيل قد فرضته على سكان الضفة الغربية عام 2002 بدون وجه حق، بنظر شحادة.

وتضمن مقال شحادة الفقرة التالية التي إنما تدل على ذاكرته شديدة الانتقائية:

“في عام 2002 ، عندما فُرضت القيود الشديدة على تحركاتي وجيراني بسبب الحصار العسكري الإسرائيلي، كنت أبذل جهدي لمواصلة العيش بشكل طبيعي قدر إستطاعتي… ولكن الخطر الكامن خارج منزلي في ذلك الوقت كان يمكن التعرف عليه بسهولة: جنود مسلحون يفرضون أوامر البقاء في المنزل. كان الفلسطينيون وحدهم تحت التهديد. وفيما كنا نعاني، إستمرت الحياة الطبيعية في أي مكان آخر غير مبالية بما كنا نتحمله“.

غير أن هذا الوصف الانتقائي ليس إلا تشويهًا صارخًا لحقيقة الأوضاع التي كانت تسود في ربيع عام 2002. ويبدو أن الكاتب قد نسي أو تناسى أن الحياة في إسرائيل في تلك الفترة لم تكن “طبيعية” في أي حال من الأحوال، لا بل إن موجة الإعتداءات الإرهابية الإنتحارية غير المسبوقة التي تعرض لها المواطنون الإسرائيليون حينذاك (ما جعل عام 2002 الأشد دموية في تاريخ إسرائيل من حيث تعداد ضحايا الإرهاب – والتي كان أخطرها التفجير الإنتحاري الذي دبره ونفذه يوم 27 مارس/آذار 2002 عدد من أفراد حركة حماس في ليلة عيد الفصح اليهودي داخل أحد فنادق مدينة نتانيا مما أودى بحياة 30 شخصًا) كانت سببًا مباشرًا وراء قرار الحكومة الإسرائيلية إطلاق عملية عسكرية شاملة لإستعادة سيطرتها الأمنية على مناطق الضفة الغربية، وهي العملية المعروفة إسرائيليًا بإسم “السور الواقي” وفلسطينيًا بإسم “إجتياح 2002″، علمًا بأن هذه العملية كانت قد جعلت الجيش الإسرائيلي حينها يوعز إلى المدنيين الفلسطينيين بملازمة منازلهم حفاظًا على أرواحهم ومنعًا لتعرضهم لخطر الإصابة أثناء الإشتباكات التي كانت تدور في شوارع المدن الفلسطينية بين الجنود الإسرائيليين والعناصر الإرهابية.

صورة لقاعة الأفراح داخل فندق “بارك” في نتانيا بعد التفجير الإنتحاري الذي تعرض له في مارس/آذار 2002.

نعم، لم يأتِ قرار فرض نظام حظر التجوال على الفلسطينيين في الضفة الغربية عام 2002 من فراغ بل كان نتيجة طبيعية أفرزتها العمليات الإرهابية الفلسطينية؛ ولم يكن الفلسطينيون وحدهم في دائرة الخطر كما يدّعي رجا شحادة في مقاله المذكور، بل كان الإسرائيليون أيضًا عرضةً للتهديد وكان هنالك ما يبرر مشاعر الذعر التي كانت تنتابهم عند خروجهم لمزاولة أعمالهم أو لقضاء حاجاتهم اليومية، خشية أن يداهمهم إنتحاري آخر يسعى لتفجير نفسه وإزهاق أرواح أكبر عدد ممكن من الأبرياء.


بالتالي كان أجدر بمحرري صفحة الرأي لـ”نيويورك تايمز” التنويه بأن المشهد الذي صوره شحادة لقراء الصحيفة ينطوي على تحريف وتجاهل فظ للحقائق التاريخية.

أنظر إلى تقرير موقع “كاميرا” بالإنجليزية حول الموضوع

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *