خبث النية في زمن “كورونا”.. “نيويورك تايمز” تصرّ على الطابع “القاتل” لدائرة أبحاث عسكرية إسرائيلية شحذت هممها لمحاربة الفيروس!

الصورة من موقع www.pexels.com

في بعض الأحيان تتجلى النوايا الخبيثة بصورة غير مباشرة عبر الملاحظات الهامشية أو الصياغة المعينة ولو كانت غير المرتبطة عضويًا بالموضوع. للأسف الشديد تتكرر هذه الظاهرة في تغطية صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الشهيرة للشأن الإسرائيلي، وهذا ما حصل فعلاً مؤخرًا فيما نتطرق إليه بمنشورنا الحالي.

إذ أفردت الصحيفة تقريرًا للدور المساهم الفعال الذي لعبه الجيش الإسرائيلي لمحاربة جائحة كورونا بعنوان “مختبر الأفكار للجيش الإسرائيلي يحدد هدفًا جديدًا: إنقاذ الأرواح“. غير أن كاتب التقرير، رئيس مكتب “نيويورك تايمز” في القدس ديفيد هلبفينغر، لم يشأ كما يبدو كيل المديح الخالص للجيش الإسرائيلي على هذه الخلفية، بل كان مصممًا على “غرز” المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بسهام النقد اللاذع مهما كانت وظيفتها إنسانية راقية، حيث استهلّ تقريره بما يلي:

تشتهر دائرة الأبحاث والتطوير التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية أولاً بقدرتها على ابتكار طرق متطورة لقتل الناس وتفجير الأشياء، حيث تندرج الدبابات المتخفية وطائرات القنص بدون طيار على قائمة مشاريعها الأكثر فتكًا

بالطبع تستدعي هذه الصياغة المغرضة التساؤلات: من هم “الأشخاص” وما هي “الأشياء” التي يقصدها الكاتب؟ هل يرى أن الدائرة الأمنية الإسرائيلية المتخصصة بإجراء الأبحاث وتطوير التقنيات الحديثة تضم الشياطين السفاحين الذين لا يهمّهم سوى وضع مخططات القتل والتدمير؟

صورة التغريدة التي نشرتها “نيويورك تايمز” حول تقريرها المشار إليه

أما الحقيقة فتبعد كل البعد.. إذ إن الدائرة الإسرائيلية المذكورة كانت دومًا ولا تزال تؤدي الدور المطلوب منها، أي المساهمة بقدراتها الابتكارية والإبداعية في حماية أمن دولة إسرائيل وتطوير مختلف أنواع الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية المطلوبة هجومية كانت أم دفاعية، ما يعني أن دورها يماثل تمامًا ما تقوم به الدوائر والأقسام المتخصصة بالأبحاث والتطوير للأهداف الأمنية في أي دولة أخرى.

دعونا نعيد إلى الأذهان هنا بعض إنجازات هذه الدائرة في السنوات الأخيرة التي أسهمت بشكل ملحوظ في منع إزهاق أرواح الأبرياء. وقد تحتلّ صدارة الإنجازات هذه منظومة “القبة الحديدية” القادرة على اعتراض الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة على التجمعات السكنية الإسرائيلية، بالإضافة إلى التقنيات الحديثة لرصد وتفجير الأنفاق التي حفرتها التنظيمات الإرهابية في قطاع غزة لغرض التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية. أما الطائرات القناصة بدون طيار فإذا جرى تقييمها بشكل موضوعي، بصفة سلاح هجومي، فإن ما يميّزها عن غيرها هو دقة تحديد أهدافها تفاديًا لإصابة الأبرياء، حيث لا يمكن مقارنتها بأي حال مع الأسلحة “الغبية” التي يمتلكها أعداء إسرائيل ويستخدمونها لاستهداف المدنيين الإسرائيليين دون تمييز.

ولا يسعنا في الختام إلا التنويه بـ”وجهنة” الصحيفة الأميركية ذائعة الصيت كونها قد أشادت أكثر من مرة بالوكالة الأميركية المسؤولة عن تطوير الأسلحة القتالية (DARPA) لمساهمتها في الابتكارات المدنية (وفي مقدمتها شبكة الإنترنت) إلا أنها أقرت في الوقت ذاته بأن الأسلحة التي طورتها تلك الوكالة، ومنها أيضًا الطائرات بدون طيار، تُستخدم لاستهداف وقتل أعداء أميركا مثل قيادات تنظيم القاعدة في أفغانستان واليمن. لكن هل ثمة فارق أساسي بين القاعدة (المستهدفة أميركيًا) وتنظيمات من قبيل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله (المستهدفة إسرائيليًا) التي يعتبرها المجتمع الدولي جهات إرهابية؟

خلاصة القول: إن إسرائيل تطور أسلحة شرعية مثلها مثل جميع الدول الديمقراطية الأخرى، وعندما تمدّ دوائرها الأمنية يد العون للفرق والطواقم الطبية المعنية بمحاربة فيروس “كورونا”، يجب بالفعل الثناء عليها بصورة موضوعية لقيامها بدور إنساني محض.

أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *