ورحل “هاف بوست العربي“. وبغض النظر عن الأسباب التي دفعت بالقائمين على الموقع المرحوم لوقف نشر الاخبار والتقارير تحت عنوان موقع “هافنغتون بوست” الشهير العريق، نجد لزامًا على أنفسنا أن ننبّه القارئ العزيز الى أن حركة الإخوان المسلمين واتباعها مثل حركة المقاومة الإسلامية حماس فقدت برحيل النسخة العربية للموقع بوقًا لها تغلغل بين أكناف الإعلام الغربي متسترًا بحرية الرأي الأميريكية.
ومرة أخرى وللتأكيد، لا نريد أن نقف موقف الشامتين من هذا الموقع بل التنويه الى توجهاته التي افتقرت في كثير من الأمثال الى المهنية الصحفية. فعلى سبيل المثال، لم يكن هناك أي منبر إعلامي غربي آخر ينطق بالعربية ويظهر مرتديًا عباءة الموضوعية، إلا أنه في الوقت نفسه كان يوفر ذات المساحة لأصحاب المدوّنات الذين كانوا يسوقون في كتاباتهم دون كلل أو ملل عبارات من قبيل “العدو الصهيوني” أو “الكيان الإسرائيلي”. كما لم يكن هناك أي موقع غربي آخر كان حريصًا بنفس القدر على أداء دور الناطق الرسمي بلسان مسؤولي حركة حماس في نشر تصريحاتهم المنقولة عن وسائل الإعلام التابعة للحركة من دون تنبيه القارئ العربي إلى مصدر الخبر كما تقتضي أصول المهنة الصحفية.
وهذه الامثال تأتي على سبيل المثال لا الحصر لتقول إن “هاف بوست” لم تترك بصماتها في مجال الصحافة العربية في الغرب لا سيما فيما يتعلق بالحفاظ على المهنية الصحفية والموضوعية، بل بالعكس، حيث أصبحت النسخة العربية للموقع من لحظة امتلاك شركة قطرية لها أداة طيّعة في الصراع السياسي والإعلامي المحتدم بين الدوحة وعدد من العواصم العربية والخليجية الأخرى تركت بصمات دولة قطر التي تقف وراءها مثلما تقف، كما يبدو، وراء خليفتها “عربي بوست” التي قد لا تبشر بدايتها بالخير من حيث غياب وجود أي إمكانية للتواصل معها والتعليق على أخبارها وتقاريرها، فيما لا يقدم موقعها أي معلومات دقيقة عن ملكيتها. على كلٍ، ودون علمنا بما إذا احتفظ القائمون على “هاف بوست عربي” بمناصبهم في الموقع الجديد أيضًا، نستطيع القول تلخيصًا للموضوع أنهم أصبحوا كالحمار الذي ذهب يطلب قرنين وعاد مصلوم الأذنين وفق المثل الشهير.
أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.