بمناسبة إحياء الذكرى العشرين لها.. قضية محمد الدرة على المحكّ الإعلامي

صادف يوم 30 سبتمبر/أيلول 2020 الذكرى الـ20 لقضية الصبي الفلسطيني الغزي محمد الدرة التي أصبحت مَعْلمًا رمزيًا هامًا من معالم انتفاضة الأقصى الفلسطينية التي اندلعت في التاريخ نفسه لتؤثر عميقًا في مجمل العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. غير أن قضية محمد الدرة ملفتة للنظر من حيث أبعادها الإعلامية التي جعلتها موضع خلافات شديدة بين أطراف مختلفة، لا بل إن القضية انتقلت أكثر من مرة خلال السنوات الماضية إلى أروقة المحاكم للبتّ في مصداقية الأخبار التي نُشرت حولها. وعليه رأينا، نحن فريق “كاميرا عربية”، ضرورة إحياء هذه الذكرى لتدارس بعض الجوانب الإعلامية الخاصة بها.

صورة محمد الدرة ووالده جمال يحتميان من الرصاصات

مقدمة

أصبحت صورة محمد الدُرَّة، ذلك الصبي الذي كان حينها يبلغ 12 عامًا من العمر، منحنيًا خلف والده قبل أن يكون قد وقع ضحية لرصاص الجنود الإسرائيليين (وفق بعض الادعاءات المختلف عليها والتي سنتطرق إليها لاحقًا)، أصبحت رمزًا للشهادة بنظر الفلسطينيين والعرب. إذ كثيرًا ما تم بث هذه الصورة على شاشات التلفزة والملصقات بالإضافة إلى عرضها على طوابع بريدية.

وكانت القناة الثانية من التلفزيون الفرنسي العام (“فرانس 2”) المؤسسة الإعلامية التي نشرت أصلاً الشريط المصوَّر المثير للجدل حول ظروف مقتل محمد الدرة. غير أن التساؤلات سرعان ما ثارت حول مصداقية الشريط، حيث اتهمت جهات مختلفة القناة الفرنسية تلك بالتلاعب بالحقائق وتلفيقها. ووصل الأمر فيما بعد إلى حد الاحتكام إلى القضاء الفرنسي وتقديم دعاوى قذف وتشهير متبادلة بين الأطراف المعنية.

تفجّر القضية

كما سبق فإن قضية محمد درة بدأت بالاشتباكات النارية التي جرت يوم 30 سبتمبر/أيلول 2000 في المفرق المحاذي لمستوطنة “نِتساريم” الإسرائيلية وسط قطاع غزة. وقامت طواقم من وسائل إعلام مختلفة بتغطية الاشتباكات إلا أن المصور طلال أبو رحمة، الذي كان يعمل لصالح قناة “فرانس 2” انفرد بالتقاط صور متواصلة امتدت بمجملها لـ27 دقيقة لمحمد الدرة ووالده جمال (علمًا بأن طاقمًا آخر لوكالة رويترز صور أيضًا لقطة خاطفة للصبي ووالده من زاوية أخرى).

ولم يكن المراسل شارل أندرلين رئيس مكتب “فرانس 2” في إسرائيل حاضرًا في ساحة المواجهات لكنه اطّلع هاتفيًا من المصور أبو رحمة على ما جرى واقتنع بالرواية التي قدمها له. وبالتالي قام أندرلين بتحرير الشريط المصوَّر، الذي أصبح يقتصر على لقطة مدتها 55 ثانية مما التقطه المصوِّر أبو رحمة أظهرت محمد وجمال الدرة محتمييْن في مفرق نتساريم خلف برميل إسمنتي مستنديْن إلى حائط مبنى، وسل وابل من لعيارات نارية. وتجدر الإشارة إلى أن اللقطة لم تُظهر لحظة مقتل محمد الدرة. غير أن المراسل أندرلين علق عليها بصوته كالآتي:

لقد انقلب كل شيء قرب مستوطنة نتساريم عند الساعة الثالثة عصرًا.. ها هما جمال وابنه محمد مُستهدفان برصاصات جاءت من الموقع الإسرائيلي.. [صوت] رشقة جديدة من النيران، حيث يلقى محمد حتفه فيما يصاب والده بجروح خطيرة.

وقامت قناة “فرانس 2” بتوزيع الشريط المصور مجانًا على وسائل الإعلام الدولية المختلفة لتقوم بعضها ببثه أيضًا، إلا أن غالبيتها العظمى علقت على ما جرى بالقول إن جمال ومحمد الدرة قد وقعا ضحيتيْن لتبادل إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ما يعني أنها لم تحمّل الجانب الإسرائيلي المسؤولية المباشرة عن مقتل محمد الدرة وإصابة والده.

وتمثلت المرحلة التالية من تطور القضية إعلاميًا بالإفادة المشفوعة بالقسم التي قدمها المصور طلال أبو رحمة طوعًا بعد الحادثة بعدة أيام، وتحديدًا يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول 2000، أمام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة، حيث قال الآتي:

لقد قضيت حوالي 27 دقيقة في التقاط صور الحادث الذي استمر لمدة 45 دقيقة.. وأستطيع أن أؤكد أن الجيش الإسرائيلي قتل عمدًا وبدم بارد الطفل [محمد الدرة] وأصاب والده.

أما الجيش الإسرائيلي فأعلن على لسان أحد قادته، بعد إجراء تحقيق تمهيدي قصير في مجريات الحادث، أن محمد الدرة قُتل بالفعل على الأرجح بنيران القوات الإسرائيلية التي كانت منتشرة في مفرق نتساريم. غير أن قائد المنطقة الجنوبية في تلك الفترة الميجر جنرال يوم توف سامية لم يكن مقتنعًا بصحة هذه الرواية. وتعززت شكوكه بعد الاتصال الذي تلقاه من طبيب إسرائيلي يُدعى ناحوم شَحاف، حيث عرض عليه المشاركة في تقصي ظروف الحادث. وبالفعل تم الاتفاق على إجراء تحقيق مستفيض في الجيش الإسرائيلي نُشرت نتائجه يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2000. وألقى التحقيق بظلال كثيفة من الشك على احتمال إصابة جمال ومحمد الدرة بالرصاصات التي أطلقها الجنود الإسرائيليون، وذلك استنادًا إلى معطيات فنية مختلفة. وخلص التحقيق إلى أنه من المستبعد أن تكون الرصاصات القاتلة قد أطلِقت من جهة الموقع الإسرائيلي في مفترق نتساريم، بينما يُرجَّح أن تكون هذه الرصاصات قد انطلقت من مكان قريب من موقع آخر تابع للشرطة الفلسطينية كان يُطلّ على المفترق.

تفاعلات القضية إعلاميًا

في خضم التطورات المتلاحقة لانتفاضة الأقصى هدأت العاصفة التي أثارتها قضية محمد الدرة لفترة ما، إلا أن الأضواء الإعلامية عادت لتسلَّط عليها مجددًا يوم 18 مارس/آذار 2002، حيث بثت قناة ARD من التلفاز الألماني فيلمًا وثائقيًا أعاد سبر أغوار حادثة مقتل محمد الدرة. ورجح هذا الفيلم أيضًا أن يكون الصبي قد قُتل بنيران مسلحين فلسطينيين.

بدوره تراجع المصور طلال أبو رحمة، في رسالة فاكس بعثها إلى مكتب قناة “فرانس 2” في القدس يوم 30 سبتمبر/أيول عام 2002، عن إفادته السابقة أمام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مؤكدًا أنه لم يقُل قط إن الجنود الإسرائيليين قد قتلوا عمدًا محمد الدرة، منوهًا إلى أن كل ما في الأمر يقتصر على مشاهدته الرصاصات المنطلقة من الموقع الإسرائيلي.

في ظل الشكوك المتزايدة حول تغطية قناة “فرانس 2” لقصة مقتل محمد الدرة، جرت يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2002 تظاهرة خارج مكاتبها في باريس احتجاجًا على أدائها، حيث منح المتظاهرون القناة جائزة ساخرة تقديرًا لما وصفوه بالمعلومات المضللة والخادعة التي تروّجها. وتبع ذلك، يوم 13 يناير/كانون الثاني 2003، نشر كتاب باللغة الفرنسية من تأليف الكاتب جيرار أوبير تحت عنوان “إعادة تقدير لحادث مُدبَّر”. واستند الكتاب إلى المعلومات التي توصل إليه تحقيق في ملابسات مقتل محمد الدرة أجرته وكالة أنباء “متولا” الإسرائيلية الصادرة باللغة الفرنسية. وكما يُستدل من عنوان الكتاب فإن فرضيته الأساسية تمثلت بكون مشهد مقتل محمد الدرة مفتعلاً أصلاً.

لم تمضِ إلا بضع شهور حتى نشرت مجلة “أتلانتيك” الشهرية الأميركية الراقية مقالاً بقلم جيمس فالوس. وعرض المقال لكافة الحقائق المعروفة والآراء المحيطة بقضية الدرة، حيث ذهب الكاتب إلى أن الصبي الفلسطيني لما كان من الممكن على الإطلاق أن يُقتل بنيران الجنود الإسرائيليين. في الوقت ذاته رأى فالوس استحالة التوصل إلى الحقيقة الكاملة حول القضية. ثم نشرت مجلة “أتلانتيك” ذاتها، في عددها الصادر في شهر سبتمبر/أيلول 2003، ردود بعض الجهات المعنية بقضية الدرة. وأعاد مراسل “فرانس 2” أندرلين، في معرض رده، اعترافه بأن القناة حذفت بعض المشاهد التي التقطتها لحادثة مقتل محمد الدرة وذلك تمشيًا مع الطابع الأخلاقي لعملها. أما كاتب المقال فالوس فأوضح أن مشاهدته المتكررة للقطات الشريط الذي بثته “فرانس 2” أقنعته بأن مكان تواجد محمد الدرة ووالده في مفرق نتساريم كان يحميهما من الرصاصات التي أطلقها الجنود الإسرائيليون فيما أنهما كانا عرضةً للنيران الآتية من المسلحين الفلسطينيين.

بعد انقضاء عام آخر، أي في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2004، عادت قضية الدرة إلى الواجهة الإعلامية في باريس. إذ دعت قناة “فرانس 2” ثلاثة صحفيين مستقلين لمشاهدة الشريط الكامل الذي التقطه مصورها طلال أبو رحمة لما جرى في مفرق نتساريم عام 2000. وأقرت “فرانس 2” بتلك المناسبة لأول مرة بأن أبو رحمة تراجع عن فحوى إفادته السابقة التي كان قد أدلى بها أمام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. وكشف الصحفيون الثلاثة، لدى مشاهدتهم الشريط بأكمله، أنه- بخلاف ادعاء مراسل “فرانس 2” شارل أندرلين- لم يحتوِ على أي مشاهد مؤلمة بل شمل أساسًا لقطات لفلسطينيين يقومون بإعادة تمثيل الإصابات الحاصلة خلال المواجهات مع القوات الإسرائيلية. ورفضت قناة “فرانس 2” حينها السماح للصحفيين الثلاثة بمقابلة المصور أبو رحمة خلال زيارة قام بها لباريس.

في الشهر التالي، أي في نوفمبر/تشرين الثاني 2004، أعلنت مديرة دائرة الأخبار التابعة لقناة “فرانس 2″، أرليت شابو، عن نية القناة إقامة دعوى من القذف والتشهير ضد “أطراف مجهولة” (وهو إجراء مقبول في القضاء الفرنسي) ردًا على اتهاماتها للقناة بافتعال مشاهد مقتل محمد الدرة. وعقدت شابو مؤتمرًا صحفيًا بهذا الخصوص عرضت خلاله لقطات لجمال الدرة في المستشفى بعد وقوع الحادث بوقت قصير وأخرى لقبر قالت إنه مدفن محمد الدرة.

غير أن الإجراءات “الوقائية” التي اتخذتها قناة “فرانس 2” لتفادي الانتقادات المتزايدة لأدائها في قضية محمد الدرة لم تثبط عزيمة منتقديها على كشف نقاط الخلل لديها. إذ طالب النائب في البرلمان الفرنسي رولان بلوم في واخر نوفمبر/تشرين الثاني 2004 وزير الاتصالات الفرنسي بإجراء تحقيق رسمي حول صحة الأدلة التي تسوقها قناة “فرانس 2” لإثبات ادعائها بأن محمد الدرة كان قد قُتل بنيران إسرائيلية. في تلك الفترة التأم المجلس الأعلى الفرنسي المعني بمراقبة الإعلام المرئي والمسموع، بعد تلقيه شكوى من أحد الصحفيين المتابعين لقضية الدرة، لمناقشة هذا الملف. وقام المجلس تبعًا لذلك بنشر توصيات خاصة بالإعلام الفرنسي برمته تؤكد ضرورة التحقق من دقة المعلومات التي يجري بثها أو، في حال استحالة هذا الأمر، تأكيد الطابع المؤقت لهذه المعلومات، فضلاً عن ضرورة الاستشهاد بمصادر المعلومات وتواريخها. كما شددت التوصيات على وجوب إقدام وسائل الإعلام على تصحيح أي معلومات غير دقيقة تنشرها بأسرع ما يمكن وبصورة لائقة.

وازدادت فيما بعد حدة الخلافات بين أوساط إعلامية فرنسية حول أداء “فرانس 2” في قضية محمد الدرة. إذ نشرت صحيفة “لي فيغارو” المعروفة يوم 25 يناير/كانون الثاني 2005 مقالاً لاثنين من الصحفيين المتابعين للقضية اللذين اتهما مراسل القناة شارل أندرلين مباشرةً بأن ادعاءه آنف الذكر بحذف مقاطع مؤلمة من شريط القناة الذي وثق اللحظات الأخيرة من حياة محمد الدرة كان ادعاءً باطلاً، لا بل إنهما أكدا أيضًا أن المراسل أندرلين عاجز حتى عن إثبات حقيقة وفاة الصبي الفلسطيني، ناهيك عن إثبات تعرضه لرصاص الجنود الإسرائيليين.

تعقيبًا على ذلك المقال نشرت صحيفة “لي فيغارو” بعد يومين رد المراسل أندرلين عليه. واتهم أندرلين وكالة “متولا” الإسرائيلية الناطقة بالفرنسية بشن حملة تستهدفه شخصيًا وقناة “فرانس 2”. كما أنه استعرض لأول مرة المبررات التي جعلته يعتمد الرواية القائلة إن محمد الدرة قُتل برصاص الجنود الإسرائيليين. ويمكن تلخيص هذه المبررات بالثقة التي أبداها أندرلين بما اطّلع عليه من المصور طلال أبو رحمة، بالإضافة إلى إشارته إلى رفض الجيش الإسرائيلي الاقتراح الذي تقدمت به قناة “فرانس 2” لإجراء تحقيق مشترك في القضية.

غير أن هذه المبررات لم تقنع الصحفيين اللذين نشرا المقال المنتقد للمراسل أندرلين على صفحات جريدة “لي فيغارو”. واستعرض الاثنان، في سياق حديث مع إحدى محطات الراديو الفرنسية يوم الأول من فبراير/شباط 2005، محتويات الشريط الذي التقطه مصور قناة “فرانس 2” لحادث مقتل الدرة، مؤكديْن أن الجزء الأكبر من الشريط (24 دقيقة من أصل 27 دقيقة للشريط الكامل) احتوى على مشاهد مفتعلة لشبان فلسطينيين أمام عدسة المصور طلال أبو رحمة، حيث قام هؤلاء الشبان بافتعال مشاهد إصاباتهم فيما شوهدت سيارات إسعاف تقوم بنقل مصابين وهميين. كما شكك الصحافيان بمصداقية الصور المتعلقة بإصابة جمال الدرة والد محمد الدرة.

وأدت هذه التطورات إلى اتّساع رقعة الاهتمام الدولي بتغطية قضية الدرة. إذ نشرت صحيفة “هيرالد تريبيون” بنسختها الدولية في بداية فبراير/شباط 2005 مقالاً وصف الخلاف الجاري في فرنسا حول القضية، ثم أعادت صحيفة “نيويورك تايمز” نشر هذا المقال.

أما إسرائيل فقد تراجعت بالمطلق عن أي مسؤولية محتملة لها عن مقتل محمد الدرة. إذ صرح رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال موشيه يعالون، يوم 20 أبريل/نيسان 2005، بأنه من المؤكد “بنسبة مئة في المئة”، حسب قوله، أن الدرة لم يُصب بنيران إسرائيلية، مرجحًا بالتالي إصابته برصاص أحد أفراد الشرطة الفلسطينية.

طرح القضية على القضاء الفرنسي

شهد شهر سبتمبر/أيلول من عام 2006، أي بعد ما يقارب ستة أعوام على وقوع المواجهات التي فجّرت قضية محمد الدرة، انتقالها رسميًا من ساحة الخلافات الإعلامية إلى الساحة القضائية. إذ قدم شارل أندرلين، مراسل “فرانس 2” وأحد الأبطال الرئيسيين للقضية كما سبق ذكره، وكذلك مديرة الأخبار للقناة أرليت شابو، دعوى قذف وتشهير مشتركة ضد فيليب كارسِنتي رئيس جمعية فرنسية تُعنى بمراقبة الإعلام كان قد عاين أيضًا الشريط المصور للقناة واعتبره مفتعلاً. وبالفعل قضت المحكمة الفرنسية التي نظرت في القضية، يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2006، لصالح المدعييْن بأن كارسنتي قام بالتشهير بهما وألزمته بالتالي بدفع غرامة رمزية مقدارها يورو واحد لكل منهما بالإضافة إلى مبلغ آخر لتغطية مصاريف المحاكمة نفسها. (هذه ليست نهاية القصة.. أنظر أدناه لقراءة تطوراتها اللاحقة).

وتشجّعت قناة “فرانس 2” بتلك النتيجة وقررت مقاضاة جهات أخرى اعتبرتها مسيئة لسُمعتها. وعليه قدمت القناة، يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول 2006، دعوى قذف وتشهير أخرى بحق المحامي الإسرائيلي- الفرنسي بيير لوركا الذي كان يرئس جمعية تُدعى “حرية، ديمقراطية، يهودية”، باعتبارها صاحبة موقع إلكتروني كان قد حث قراءه على التظاهر ضد القناة على خلفية أدائها في قضية الدرة. غير أن القضاء الفرنسي أسقط القضية بعد مضي شهر لأسباب فنية تتعلق بعدم توفر ما يكفي من أدلة لإثبات مسؤولية المدَّعى عليه لوركا عن تشغيل الموقع الإلكتروني المذكور.

لكن لم تمضِ إلا أيام حتى قدم المراسل أندرلين وقناة “فرانس 2” دعوى جديدة استهدفت هذه المرة الطبيب الفرنسي شارل غوز لنشره في مدوَّنته الإلكترونية رسالة كان قد وضعها أحد الصحفيين المنتقدين لـ”فرانس 2″، علمًا بأن تلك الرسالة انتقدت المراسل أندرلين بسبب ما وصفته بأوجه من القصور المهني في قضية الدرة ترتقي إلى شبهات جدية بأن عمله كان مشوبًا بنشر معلومات كاذبة.

وبعد عدة أشهر، وتحديدًا في شهر يناير/كانون الثاني 2007، أصدرت المحكمة الفرنسية المختصة المكلفة بالنظر في الدعوى الأخيرة حكمًا “مخففًا” بحق الطبيب غوز. وأقرت المحكمة بحق غوز في نشر مقال حول القصور المهني الذي أبدته قناة “فرانس 2” وبأن القناة ومراسلها أندرلين لم ينتهجا نهج الشفافية لدى تعاملهما مع قضية الدرة. غير أن المحكمة قضت، في الوقت ذاته، بأنه لم يكن ما يبرر اتهام القناة بنشر “المعلومات الكاذبة” على مدوَّنة د. غوز الإلكترونية، مما جعل المحكمة تفرض عليه أيضًا دفع غرامة رمزية مقدارها يورو واحد.

في سبتمبر/أيلول من عام 2007 تصاعدت المعركة القضائية المتواصلة حول قضية الدرة، عندما بدأت محكمة الاستئناف في باريس بالاستماع إلى طعون فيليب كارسنتي في الحكم الصادر بحقه قبل عام من ذلك الموعد. وطالب القاضي من قناة “فرانس 2” بتسليم المحكمة شريطها الكامل الملتقط لمشاهد المواجهات التي انتهت بمقتل محمد الدرة.

أما “المسار الإعلامي” لقضية محمد الدرة فشهد مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2007 تطورًا جديدًا تمثل بنشر جمعية “شورات هدين” [“الصف القانوني” بالعبرية] الإسرائيلية رسالة كتبها رئيس مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي داني سيمان ردًا على مراجعة الجمعية إياه بطلب سحب بطاقة الصحفي الممنوحة من قبل المكتب لمراسل قناة “فرانس 2” شارل أندرلين بداعي ارتكابه خُدعة إعلامية في قضية الدرة. وأقر سيمان في رسالته تلك بأن “أسطورة محمد الدرة”، على حد تعبيره، ألحقت ضررًا كبيرًا بدولة إسرائيل معتبرًا إياها “فرية دم” بحق الدولة كونها مبنية على افتعال المصور طلال أبو رحمة بصورة مُمَنهجة مشاهد المواجهات.

في شهر ديسمبر/كانون الأول 2007 خاض طرف جديد متمثلاً بالجرّاح الإسرائيلي العامل في مستشفى “تل هشومير” د. يهودا دافيد غمار قضية محمد الدرة. وصرح هذا الطبيب، في مقابلة مع القناة العاشرة من التلفاز الإسرائيلي، بأن علامات الإصابة التي تضمنها الشريط الخاص بقناة “فرانس 2” على جسم جمال الدرة، والد محمد الدرة، لم تكن مرتبطة أصلاً بأي إصابة تعرض لها من جنود إسرائيليين بل كانت عبارة عن آثار جرح سابق ناتج عن عملية جراحية كان د. دافيد نفسه قد تولى إجراءها له عام 1994 عقب تعرض جمال لاعتداء بالبلطة من قبل مجموعة من اللصوص الفلسطينيين في قطاع غزة.

بالعودة إلى الساحة الفرنسية، وفي موعد سبق نطق المحكمة الفرنسية بحكمها في الاستئناف الذي رفعه فيليب كارسنتي ضد قناة “فرانس 2″، بثت قناة “كنال+” الفرنسية في أواخر أبريل/نيسان 2008 برنامجًا تحقيقيًا بعنوان “إشاعات وغسيل للدماغ: حروب المعلومات الجديدة” للدفاع عن نزاهة عمل مراسل “فرانس 2” أندرلين في قضية الدرة. وعقد البرنامج مقارنة بين تحليل مقدم الاستئناف كارسنتي لأداء أندرلين وبين نظريات المؤامرة التي راجت في الولايات المتحدة الأميركية بعد تعرضها لاعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 الإرهابية. وبالتالي اهتم البرنامج كارسنتي بتزوير معلومات سعيًا لدفع أجندة متطرفة. وسارع كارسنتي إلى الرد على البرنامج مقدمًا دعوى قذف وتشهير بحق شبكة “كنال+”.

حين جرى، يوم 21 مايو/أيار 2008، إصدار الحكم في استئناف كارسنتي على إدانته بقضية القذف والتشهير السابقة والخاصة بقضية محمد الدرة، تبيَّن أن القضاء الفرنسي قرر تبرئة ساحته مؤكدًا أن كارسنتي مارس بحسن النية حقه في انتقاد أداء قناة “فرانس 2” ومراسلها أندرلين. ورأى قاضي محكمة الاستئناف الفرنسية أن المراسل أندرلين قدم “إجابات متناقضة على التساؤلات الخاصة بتحرير الشريط المصور” بالإضافة إلى “تضارب المشاهد” المصورة و”تناقض إجابات” المصوِّر طلال أبو رحمة حول ظروف التقاطه تلك المشاهد.

تصاعد الخلافات الإعلامية

يا ترى، هل أسدل الحكم القضائي الستار على انشغال الإعلام الفرنسي بقضية محمد الدرة؟ كلا! إذ نشرت مجموعة تضم مئات الإعلاميين الفرنسيين من معارف المراسل أندرلين وزملائه، في مطلع يونيو/حزيران 2008، عريضة داعمة له على الموقع الإلكتروني لأسبوعية “نوفِل أوبزرفاتور” الشهيرة. وصورت العريضة أندرلين على أنه كان ضحية لحملة من العداء تستهدف تشويه سمعته المهنية والمساس بكرامته، حيث أبدى موقعو العريضة دهشتهم لموقف محكمة الاستئناف الفرنسية التي تجاهلت سجلّه الإعلامه القائم على الدقة والجدية وسط ظروف قاسية في بعض الأحيان. أما الجهات المنتقدة للمراسل أندرلين فاعتبرت العريضة أنها تستهدفه بحملة من النفي والذم في الوقت الذي تفتقد تلك الجهات بنفسها أي خبرة ميدانية في نقل التقارير من مناطق النزاعات.

غير أن ساحة الإعلام الفرنسية لم تكن موحَّدة بدعم أندرلين، بحيث انتقد عدد من كتاب مقالات الرأي وكذلك السفير الإسرائيلي السابق لدى فرنسا والمؤرخ الشهير إيلي بار نافيه العريضة المشار إليها. وبالنظر إلى استمرار الخلافات العلنية حول قضية محمد الدرة دعا المجلس الذي يمثل المؤسسات اليهودية الفرنسية (CRIF) في أوائل يوليو/تموز 2008 الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لاستقصاء القضية، إلا أن الدعوة لم تلقَ أي تجاوب من الرئاسة الفرنسية.

وفي ألمانيا عادت قناة ARD العامة لتناول قضية محمد الدرة لدى بثها، في مارس/آذار 2009، برنامجًا وثائقيًا بعنوان “الطفل والوفاة والحقيقة. وأكدت مخرجة البرنامج إستير شابيرا في حديث لصحيفة “ألغيمايني تسايتونغ” الألمانية، استحالة البت فيما إذا كان الشريط المصور لقناة “فرانس 2” مزورًا، لكنها شددت على أن الرواية التي راجت عالميًا حول ظروف مقتل الدرة عقب نشر الشريط المذكور لم تكن صحيحة. وقالت شابيرا إن تحليلاً بيومتريًا جرى لوجه الصبي الواردة صورته في ذلك الشريط لدى تشريح جثته ثم لدى تشييع جثمانه أثبت أن الصبي لم يكن محمد الدرة.

المراحل الأخيرة من الإجراءات القضائية

في عام 2010 عاد القضاء الفرنسي إلى واجهة قضية الدرة، حيث قضت محكمة الجنايات في مدينة نانتير، التي نظرت في دعوى القذف والتشهير التي أقامها فيليب كارسنتي ضد قناة “كنال+”، بأن القناة تعاملت مع كارسنتي، لدى اتهامها إياه بنشر آراء متطرفة حول قضية محمد الدرة، بصورة غير موضوعية تخلّ بسمعته.

ولم ينتهِ دور القضاء الفرنسي حتى عند المحطة المذكورة، إذ أصدرت محكمة باريسية في أبريل/نيسان 2011 حكمها في دعوى قدح وذمّ أخرى رفعها جمال الدرة، والد محمد الدرة، ضد الجراح الإسرائيلي د. يهودا دافيد الذي كان قد صرح (أنظر أعلاه) بأن إصابته لم تكن مرتبطة بمواجهات غزة عام 2000 بل نتجت عن تعرضه لاعتداء سابق. وقررت المحكمة قبول الدعوى مما حدا بالمدعى عليه د. دافيد للطعن في الحكم أمام محكمة أعلى. وبالفعل قلبت المحكمة الفرنسية العليا القرار السابق المنوَّه به وقضت في فبراير/شباط 2012 بأن الشواهد التي قدمها د. دافيد على حقيقة إجرائه عملية جراجية سابقة لجمال الدرة عام 1994 في مستشفى إسرائيلي تبرر رد دعوى القدح المقامة عليه. وتجدر الإشارة إلى أن دولة إسرائيل تولَّت المصاريف المترتبة على المعركة القضائية.

في المقابل، وبما يدل على تجاذبات القضاء الفرنسي، أصدرت المحكمة العليا الفرنسية في ذات الشهر (فبراير/شباط 2012) حكمًا آخر أعاد فيليب كارسنتي (وهو، للتذكير، من أبرز المشككين في رواية قناة “فرانس 2” حول مقتل محمد الدرة بنيران إسرائيلية) إلى مربَّع الاتهام بعد تبرئة ساحته من قبل محكمة أدنى في قضية القذف والتشهير المقامة ضده. وتعللت المحكمة العليا الفرنسية بأسباب فنية، قائلة إن كارسنتي مطالب بتقديم أدلة على صحة موقفه، وأعادت بالتالي القضية إلى محكمة الاستئناف الباريسية. وانتهت القضية أخيرًا عام 2013 بقرار محكمة الاستئناف إدانة كارسنتي وإلزامه بدفع غرامة قدرها 7 آلاف يورو.

وشهد عام 2013 أيضًا انتهاء إجراءات التعامل الحكومي الإسرائيلي مع قضية محمد الدرة. إذ نشرت لجنة كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد قرر تشكيلها في سبتمبر/أيلول 2012 تقريرها الذي خلص إلى غياب وجود أي دلائل وبراهين على أن الصبي محمد الدرة قد قُتل أصلاً. واعتبر التقرير أن قضية الدرة استُخدمت ذريعة لنشر الكراهية التي تستهدف دولة إسرائيل لنزع الشرعية عنها. كما شدد التقرير على وجوب التزام المؤسسات الإعلامية بأعلى المعايير المهنية والفنية لدى تغطيتها للنزاعات غير المتكافئة وتوخي الحذر لدى تعاملها مع مواد مقدمة من مراسلين محليين، خاصة في ساحات تشهد محاولات متكررة لافتعال المشاهد وتزوير المعلومات. وعليه رأى التقرير الإسرائيلي أنه كان حريًا بقناة “فرانس 2” التراجع عن تقريرها القاضي بأن محمد الدرة قُتل بنيران الجنود الإسرائيليين.

ما الحيلة إذًا؟ بعض الاستنتاجات الواجب استخلاصها من قضية محمد الدرة

قد يجد المرء نفسه، باحثًا عن الحقيقة، في حيرة من أمره لدى مراجعته تفاعلات قضية محمد الدرة بكل تعقيداتها. نرجو التأكيد أولاً، نحن فريق “كاميرا عربية”، على أننا لا نطمح بأي حال من الأحوال إلى التدثر بعباءة “القاضي الأعلى”، ولو إعلاميًا، في هذه القضية. وبالفعل قد يتمثل الاستنتاج الأول الواجب استخلاصه من القضية باستحالة استجلاء الحقائق من هذا الكمّ الهائل والمتراكم من التقارير الإعلامية الخاصة بالقضية على مرّ العقديْن الماضييْن.

غير أن النظرة المتفحصة لمجريات القضية تفسح المجال، وهذا على رأس اهتماماتنا، للتوصل إلى عدة استنتاجات مفيدة بالنسبة لأساليب ومناهج عمل المؤسسات الإعلامية لدى تعاملها مع حالات مشابهة. وقد يكون في صدارة الاستنتاجات الإقرار بصعوبة العمل الصحفي بشكل عام وضرورة توعية الصحفيين أنفسهم، ناهيك عن جمهور المواطنين في أي بلد، بهشاشة المعلومات المتوفرة لديهم في أي حدث تجري تغطيته إعلاميًا. في نهاية المطاف يجب على الصحفي أن يواجه الحقيقة، مهما كانت مُرة، ويسائل نفسه بنزاهة: كيف أستطيع استجلاء الحقيقة؟ هل هذه المهمّة في متناول اليد أصلاً؟ هل أملك أدوات ووسائل تؤهلني لأداء عملي بشكل موضوعي وسط ظروف شديدة التعقيد تتداخل فيها قلة الإمكانيات المادية للصحفي (وهو، في الختام، ليس إلا فردًا يواجه أحيانًا مؤسسات كبيرة غنية بمواردها) مع محاولات التعتيم أو حتى نشر الأخبار الكاذبة والمغرضة من أصحاب المصالح على اختلاف أنواعهم؟ وماذا بالنسبة لعامل الوقت الضاغط على أي صحفي في عصر احتدمت فيه المنافسة حامية الوطيس بين المؤسسات الإعلامية العاملة على مدار الساعة؟ هل أملك كصحفي الوقت الكافي لرصد كافة المعلومات المتعلقة بقضية ما ثم صياغتها بشكل مفهوم، أم أن نتاج عملي جزئي في أفضل الحالات ومشوَّه في أسْوَئِها؟

نرى أن الإجابة المستقيمة على تساؤلات كهذه تحتّم على الصحفي، أيًا كان، اتخاذ موقف من “التواضع” حيال عمله. غير أن هذا التواضع ليس قائمًا بذاته بل يُوجب على الصحفي، في حال تبيَّن أنه ارتكب خطأ ما، بالإقرار أو حتى الإجهار طواعيةً بهذا الخطأ ليكون عبرةً لمن يعتبر بها من زملائه. لماذا ينسى، أو يتناسى، الصحفيون المقولة الخالدة “الاعتراف بالذنب فضيلة”؟ إننا نرى وجوب تطبيقها عليهم بكافة معانيها. ومن هنا، وإذا اتخذنا قضية محمد الدرة مثالاً، فلماذا كان يصعب إلى هذا الحد على المراسل شارل أندرلين وإدارة قناة “فرانس 2” الاعتراف باحتمال ارتكابهم بعض الأخطاء أو الإقرار بورود إمكانية وقوعهم فريسة لسيناريو قائم على معلومات ملفقة و”مفبركة”؟ هل كان اعتراف كهذا يُعتبر جرحًا غائرًا في صدورهم أم، على العكس، يرفع من شأنهم كونهم يتخذون خطوة حقيقية من النقد الذاتي؟

لعله من المفيد، في هذا السياق، الاطّلاع على تزحزح آراء مندوبي “فرانس 2” أنفسهم كلما تفاعلت وتفاقمت قضية الدرة: ها هو، على سبيل المثال، المصور طلال أبو رحمة يدلي بإفادة مشفوعة بالقسم أمام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حول حقيقة ما التقطه بعدسات كاميرته، ليطالعنا فيما بعد- وإن بطريقة غير مباشرة وليس بصوته وإنما على لسان مسؤولي قناة “فرانس 2”- بالتراجع عن إفادته تلك، في حين قالت مديرة الاتصالات في القناة إن هذه الإفادة قد نُسبت إلى أبو رحمة زورًا، مما يجعلنا نتساءل: هل يمكن التعويل على إفادة كهذه؟ وها هو المراسل شارل أندرلين يدعي في تقريره الأولي، بشكل لا يقبل التأويل، بأن رصاصات جاءت من الجانب الإسرائيلي أزهقت روح محمد الدرة وأصابت والده، لكن دون تقديم أي أدلة مرئية على صحة كلامه، على أنه بات لاحقًا يتحجج بحجة جديدة ألا وهي أن قراره عدم بث اللحظات الأخيرة من حياة محمد الدرة جاء لأنها تحتوي على مشاهد مؤلمة لا يمكن تحمّلها. ونعيد إلى الأذهان هنا أن أندرلين فضل اللجوء إلى القضاء عند تزايد حدة الانتقادات لأدائه بدلاً من إبقاء القضية في مكانها الطبيعي (الساحة الإعلامية).

ولا يقتصر الأمر على طرف دون آخر، إذ يجب التساؤل أيضًا عن سعي منتقدي قناة “فرانس 2” لتصعيد خطابهم إعلاميًا وقذف القناة بوابل من الاتهامات شديدة اللهجة بنشر الأكاذيب وتلفيق قضية الدرة بمجملها. ألم يكن أجدر بهؤلاء ضبط هذا الخطاب وإبداء ولو القليل من التفهّم للاعتبارات الموضوعية التي ربما حالت دون تقديم “فرانس 2” تغطية دقيقة لسير الأحداث في مفترق نتساريم عند تفجّر انتفاضة الأقصى؟ لعله كان من الممكن، لو سارت الأمور على هذا المنوال، تجنب انتقال القضية إلى ملعب القضاء.

إننا نرى أن الإعلام جهة عاجزة بحكم الواقع عن كشف الحقائق بالكامل تحت أي ظرف. وتحتّم هذه الحقيقة على جميع الأطراف المعنية، سواء أكانت تنتج الأخبار والتقارير (المؤسسات الإعلامية نفسها) أو تستهلكها (جميع المواطنين) أو تراقبها (مثل مؤسسة “كاميرا”..)، اتخاذ مواقف جديدة واستبدال الخطابات التصعيدية الساخنة، ناهيك عن الاحتكام الأرعن إلى القضاء، بلغة الحوار الهادئ والبناء الذي يصب في مصلحة الجميع المتمثلة برفع شأن العمل الصحفي واستعادة هيبته. هذا بالفعل ما يتطلع إليه فريق “كاميرا عربية” في تعامله المستمر مع المواقع العربية لوسائل الإعلام الغربية التي نهتمّ بمتابعة نتاجها. وعليه نختم بنداء الأمل في أن تكون تفاعلات قضية محمد الدرة بشقها الإعلامي عبرة لمن يعتبر.

أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *