هل يُعدّ “حائط المبكى” بالفعل أقدس مكان لدى اليهود؟

المصور: Morany84, CC BY-SA 4.0 , via Wikimedia Commons

يُعتبر حائط المبكى في البلدة القديمة من أورشليم القدس من أهم المعالم الدينية في المدينة المقدسة منذ قرون، وقد تم الاعتراف به كموقع مقدس لليهود في عصر السلطان سليمان خان الأول (“القانوني”) بعد سيطرة الدولة العثمانية في عهده على القدس مطلع القرن ال-16. غير أن كثيرًا من العرب والمسلمين يسيئون فهم حقيقة قدسية المكان عند اليهود. إذ لا يحمل “حائط المبكى”، أم بالأحرى “الحائط الغربي” كما درجت تسميته بالعبرية، أي قدسية بحد ذاته، على اعتبار أنه لا يعدو كونه الجدار الغربي من جدران الهيكل المقدس الثاني الذي شيّده الملك هيرودس الأول في القرن الأول قبل الميلاد ثم دمّرته القوات الرومانية بعد سحقها لحالة التمرّد الكبير لليهود عام 70 ميلاديًا. أما آثار الهيكل فهي مطمورة على الأرجح في التراب تحت ساحات الحرم القدسي الشريف حيث يقع حاليًا المسجد الأقصى للمسلمين.

وعليه، تحريًا للدقة، يجب التوضيح أن قدسية حائط المبكى تعود إلى أنه أقرب مكان من خراب الهيكل المقدس الذي يُسمح لليهود بأداء الصلوات فيه وفق آراء الغالبية العظمى من الحاخامات اليهود. كما أن الحائط أصبح محجًا لليهود باعتباره، كما سبق ذكره، الأثر المتبقي من آثار الهيكل المقدس، حيث استقرّ اليهود على أداء مراسمهم وطقوسهم فيه تخليدًا لذكرى الهيكل.

غير أن هذه النبذة القصيرة لا تستهدف سوى التنويه إلى أن الكثير من وسائل الإعلام، عربية كانت أم دولية، تخالف الحقيقة عندما تدّعي بأن حائط المبكى هو “المكان الأكثر قدسية في اليهودية“. وكانت شبكة “سكاي نيوز” باللغة العربية آخر من ارتكب هذا الخطأ باعتمادها هذه الصيغة لدى تناولها، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني يوم 8 مارس/آذار 2019، الخلاف العنيف بين جموع من أتباع التيارات اليهودية الأرثوذكسية المتشددة وبين مجموعة من النساء اليهوديات الليبراليات اللواتي أردن أداء صلواتهن عند حائط المبكى.

جدير بالذكر أن “سكاي نيوز العربية” لم تكن السباقة إلى الوقوع في هذا الخطأ، إذ كان عدد من أرقى وسائل الإعلام الغربية قد ارتكبه أيضًا، في سياقات مختلفة، ومنها الإندبندنت والدايلي مايل والتيلغراف البريطانية، وواشنطن بوست ونيو يورك تايمز الأمريكيتان، ومجلة “ناشيونال جيوغرافيك” الأمريكية ووكالة الأنباء الفرنسية . وكانت مؤسسة “كاميرا” قد راجعت في الحالات السابقة وسائل الإعلام المذكورة وحدت بها إلى تصحيح هذا الخطأ.

وعليه يحث فريق “كاميرا العربية” شبكة “سكاي نيوز العربية” ووسائل الإعلام العربية عامةً على عدم تكرار هذا الخطأ وإدراك أهمية تناول الموضوع بنزاهة بعيدًا عن الحساسية المحيطة دائمًا بكل ما يتعلق بالحرم القدسي الشريف.

أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع “CAMERA UK” التابع لمؤسسة “كاميرا”.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *