“سكاي نيوز عربية” تواصل تغطيتها المنحازة للسجناء الفلسطينيين

سجن شيتا الإسرائيلي. المصدر: Padres Hana, CC BY-SA 3.0 , عبر ويكيميديا كومنز

ليست هذه المرة الأولى التي تخفق فيها شبكة “سكاي نيوز عربية” في تقديم تغطية صحفية نزيهة لقضايا السجناء الفلسطينيين في إسرائيل. ويعود موطن الخلل في هذه التغطية أصلاً إلى غض الطرف عن السجلّ الدموي لهؤلاء السجناء، الذي كان السبب المباشر في قيام إسرائيل بملاحقتهم وسجنهم، والتركيز حصرًا على “المظالم” اللاحقة بهؤلاء السجناء من قبل المؤسسات الإسرائيلية وتحديدًا مصلحة السجون المشرفة على عمل تلك السجون.

نرجو بالتالي التعرّض للشريط المصور الذي قدمه مراسل “سكاي نيوز عربية” في الضفة الغربية فراس لطفي يوم 18 يوليو/تموز 2020 ضمن تقرير بعنوان “كورونا.. دعوات لإنقاذ الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل“. إذ تناول الشريط بالتحديد قضية “الأسير”، أيْ السجين، كمال أبو وعر (46 عامًا، من سكان بلدة قباطية بشمال الضفة الغربية) الذي كان قد أصيب بفيروس كورونا لدى تلقيه علاجًا إشعاعيًا لمرض سرطان الحنجرة الذي يعاني منه منذ سنوات، مما جعله أول حالة إصابة بالفيروس بين السجناء الفلسطينيين. ونقل الشريط مطالب منظمات فلسطينية تُعنى بحقوق “الأسرى” بالإفراج عن السجين أبو وعر بالاستناد، حسب ادعائها، إلى “القانون الدولي الإنساني”.

وتحدث المراسل فراس خوري بصوته، وبما لا يخلو من البلاغة الشعرية، عن معاناة السجين المذكور قائلاً: “معركتان في جسد واحد أنهِك من طول سنوات الأسر” (صياغة غير موضوعية بحد ذاتها توحي بأن السجن كان السبب المباشر في إصابة أبو وعر بالسرطان). غير أن هذه النبرة الإنفعالية تجاهلت تاريخ السجين أبو وعر الإرهابي الدموي الذي جعله يقضي الحكم المؤبد خلف القضبان. إذ كان أبو وعر، بحسب اعترافه، ضالعًا في قتل 4 مواطنين إسرائيليين (3 منهم مدنيون وبينهم قاصرة) ضمن 4 اعتداءات إرهابية وقعت خلال عاميْ 2000-2001. وإذا خُضنا قليلاً تفاصيل هذه الإعتداءات، فإنها أزهقت تباعًا أرواح كل من أحد أفراد حرس الحدود الإسرائيلي مصابًا بنزيف دموي إثر إطلاق النار من مجموعة إرهابيين (كان كمال أبو وعر ضمنهم) على مقام “قبر يوسف” في نابلس (2 أكتوبر/تشرين الأول 2000)؛ ثم مشاركة أبو وعر في عملية إطلاق نار قامت بها مجموعة مسلحة تابعة لحركة فتح على مجموعة متنزهين إسرائيليين قرب جبل عيبال في نابلس مما أسفر عن مقتل أحدهم (يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2000)؛ ثم مشاركته في عملية إطلاق نار وطعن بالسكاكين طالت حياة مواطن إسرائيلي آخر بالقرب من مستوطنة إيتامار في السامرة (يوم 8 مايو/أيار 2001)؛ وأخيرًا ضلوع أبو وعر في عملية إطلاق نار على سيارة إسرائيلية كانت تقل مجموعة فتيات بالقرب من مدرستهن المحاذية لحدود شمال الضفة الغربية مما أوقع إحداهن قتيلة (يوم 9 أغسطس/آب 2001).

بالطبع لا نطالب مراسل “سكاي نيوز عربية” بذكر كل هذه التفاصيل، لكن نتساءل عما إذا كان لا يليق به، على الأقل، ذكر حقيقة الجرائم التي جعلت أبو وعر يقبع في “غياهب” (والمفردة للمراسل فراس خوري) السجون الإسرائيلية؟ ألا تسلط هذه الجرائم ضوءًا آخر على مطالبة الفلسطينيين بإطلاق سراحه؟ نرى قطعًا أن قواعد الموضوعية والحيادية كانت تحتم على المراسل التطرق بشكل أو بآخر إلى ممارسات السجين أبو وعر الآنفة الذكر.

ختامًا نشير إلى أن النغمة السائدة في التقرير المصور لمراسل “سكاي نيوز عربية” كانت أحادية الجانب بصورة جلية، تعاطفًا مع الجانب الفلسطيني، مما يتنافى ومعايير نزاهة العمل الصحفي المعتمدة في الشبكة الأم “سكاي نيوز” البريطانية. وهكذا إختتم المراسل خوري تقريره بما يلي: “وفي الداخل [أي داخل السجون الإسرائيلية] جدران تحاصرهم [أي “الأسرى”] وتأكل من سني عمرهم..”. دعونا نتساءل عن منطق هذه الصياغة الغريبة: هل قصد المراسل خوري أن مجرد حبس السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية يقصر متوسط أعمارهم؟ إذا كان الأمر كذلك، فله أن يدعم هذا القول بالشواهد ولا ينطق به “هيك حياالله”؛ بل إن الأمر يبدو أكثر غرابةً إذا ما فسّرنا هذه الجملة على أنها تعني بأن مجرد قضاء السجناء الفلسطينيين فترة عقوباتهم يقصر من أعمارهم، فشأن هؤلاء السجناء لا يختلف عن شأن أي مجرم آخر إرتكب جريمة ثم صدر عليه حكم بالسجن لينال عقوبته بموجب القانون، وهذا الثمن الطبيعي الذي يجب عليه دفعه في كل دولة قانون. إلا إذا كان المراسل فراس لطفي يرى أن العدالة الإسرائيلية لا يجوز أن تأخذ مجراها بالنسبة للإرهابيين الفلسطينيين بل يجب الإفراج عنهم.

أنظر إلى التقرير الصادر عن الموضوع باللغة الإنجليزية في موقع (كاميرا)

Related Posts

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *