من كثر الأعلام انحرقت غزة

المصور: Muath Humaid, CC BY-SA 3.0 , عبر ويكيميديا كومنز

إتخذ منظمو الجولة الثالثة من أعمال الشغب على حدود غزة “جمعة العلم” عنوانًا لممارساتهم. ومن هذا العنوان برز للجميع أن العلم وُضع في المركز أو بالأحرى علمين العلم الفلسطيني يرفرف على سوارٍ عالية والعلم الإسرائيلي يُحرق ويُداس عليه.

الإعلام العربي نقل لنا هذه الاحداث بدقة وبشغف بالغيْن وكأن الساحة تتّسع فقط لهذيْن العلميْن، الفلسطيني والإسرائيلي، كما يريد أن يصور لنا منظمو أعمال الشغب المشهد. أما الحقيقة الناصعة فهي مختلفة، ذلك لأن هناك أعلامًا أخرى توارت عن الأنظار خلال المسيرات الاحتجاجية التي جرت على الحدود الشرقية من قطاع غزة

يروِّج لها القائمون على الاحتجاجات..

أين تبرز هذه الأعلام الأخرى، يا ترى؟ ها هي تتجلى خلال مواكب تشييع جنازات المسلحين من ضحايا هذه المواجهات، مع العلم أن عددهم بالمجمل تجاوز نصف القتلى. فالإعلام العربي نفسه ينقل لنا صور مراسم تشييع عنصر من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس وجثمانه ملفوف بعلم الحركة، مثلما كان عليه الأمر، على سبيل المثال لا الحصر، عند تشييع عنصر القسام مروان قديح في خان يونس في العاشر من مارس آذار الجاري.

نقلاً عن موقع فلسطين اليوم

بالطبع لا تتخلف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي عن شقيقتها الإرهابية الكبرى كتائب القسام، لتبرز أعلامها خلال مراسم تشييع أحد عناصرها ثائر محمد رابعة  في مخيم جباليا في السادس من مارس آذار الجاري كما هو مبين في الصورة المرفقة:

وما الغرابة؟ ففي حقيقة الأمر كثرت الأعلام في غزة وعلم فلسطين لم يعُد الراية الوحيدة التي تُرفع لترفرف في التظاهرات والمسيرات، بل تنافسها رايات أخرى فصائلية تحمل في طياتها أجنداتها الانفصالية. إننا نفترض أن يدرك الإعلام العربي هذه الحقيقة جيدًا لكن يبدو أنه يفضل تجاهلها كلما أمكن ذلك ليمتطي أكاذيب منظمي أعمال الشغب الذين يسعون جاهدين لتخطي عراقيل الانقسامات الداخلية. لكن هيهات.. فالشمس من المحال أن تُغطَّى بالغربال والحقيقة لا بد وأن تنجلي.. إذ تعيد أعلام الأجنحة العسكرية لبعض الفصائل الفلسطينية قطاع غزة إلى المربَّع الأول الذي يؤكد مجددًا الحقيقة الساطعة وهي عجز الغزيين عن الاتفاق على أجندة واحدة تعتمد فعلاً الكفاح السلمي نهجًا لها. وهكذا تساهم الأعلام، بكل ما تنطوي عليه من معانٍ رمزية، في إبراز الواقع الفصائلي المزري الذي آل إليه القطاع، وكأن “من كثر الأعلام انحرقت غزة”.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *