لقد اعتاد العالم العربي الحديث عن مدينة تل أبيب بوصفها عاصمة إسرائيل، ومعه إعلامه وبل حتى الإعلام الدولي الناطق بالعربية والموجه لشعوبه، دون حسيب أو رقيب. حتى أنشأت مؤسسة “كاميرا” مكتباً لها باللغة العربية ليتولى مهمة متابعة عمل الإعلام الناطق بالعربية، صحفاً وقنواتاً فضائية.
والجدير بالذكر هنا، فيما يخص موضوع المقال، أي وصف تل أبيب على أنها عاصمة الدولة العبرية، هو أنها لسابقة في العلاقات الدولية أن يقرر قسم من المجتمع الدولي بشكل أحادي الجانب أين يجب أن تقع عاصمة دولة ما. حيث أن عاصمة إسرائيل الرسمية والفعلية، والتي تأوي مؤسسات الدولة السيادية، هي أورشليم القدس. فإن كانت طائفة كبيرة من الدول لا تعترف بضم إسرائيل لشرق المدينة عام 1967، فلتعترف بغربها كعاصمة للدولة بدلاً من أن تقرر بشكر غير معهود بأن مدينة أخرى هي العاصمة!
كما أن القنوات الدولية الناطقة بالعربية والتي تصف تل أبيب على أنها عاصمة إسرائيل لا تسير على نهج إداراتها المحلية، سواء تحدثنا عن “بي بي سي عربي” أو “فرانس 24″، على سبيل المثال وليس الحصر. وهذا يدل على أن الخيار التحريري يعبر عن رغبة في موائمة الشارع العربي وليس إلا. بل إن قناة “الحرة” الأمريكية تستمر في اعتبار تل أبيب عاصمة لإسرائيل حتى بعد أن نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى أورشليم القدس!
نظراً لعدم وجود أي منظمة أو جهة، حكومية كانت أو خاصة، تراقب عمل وسائل الإعلام وتتأكد من حيادتها فيما يتعلق بإسرائيل وعلاقاتها مع جيرانها، فلقد قررت مؤسسة “كاميرا” أن تأخذ على عاتقها تلك المهمة، عبر مكتبها العربي القائم منذ العام 2018. منذ ذلك الحين، تقوم المؤسسة بمراقبة عمل القنوات والصحف الغربية الناطقة بالعربية، والتواصل مع إدارات تحريرها إن لزم الأمر من أجل طلب مراجعة بعض المحتويات أو تصحيح أخطاء.
ولقد نجحت “كاميرا” بفرض ثقافة جديدة على الساحة الإعلامية الدولية تقبل بالاعتذار والمراجعة، الشيء الذي لم يكن ليُتصور قبل خمسة أعوام. ففي العام المنصرم وحده، وفيما يتعلق خصيصاً بقضية تل أبيب التي توصف بالعاصمة الإسرائيلية، استطاعت “كاميرا” أن تدفع الإعلام الغربي الناطق بالعربية إلى القيام ب41 عملية تصحيح. وفي شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2022 وحدهما، وقعت 17 عملية تصحيح بفضل جهد المؤسسة.
بقلم: تامار شترنتال، مديرة مكتب “كاميرا” في إسرائيل.
أنظر إلى التقرير الأصلي على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.