“بي بي سي عربي” تواصل نشر التعليقات المسيئة على حساباتها بمنصات التواصل الاجتماعي

في الرابع والعشرين من شهر أبريل عام ٢٠٢٠ بدأت المنصات والقنوات المصرية شبه الرسمية والرسمية في عرض المسلسل التلفزيوني “النهاية”، وهو العرض الذي تزامن مع بداية شهر رمضان في هذا العام. (توضيح: تعرض القنوات المصرية أبرز الأعمال الفنية من الدراما كل عام في شهر رمضان ، وهو نهج مصري ثقافي اعتادت عليه القاهرة منذ سنوات طويلة في ظل الطابع الديني والاحتفالي بهذا الشهر وقدسيته). وزعم البعض أن هذا المسلسل يعتبر أول “مسلسل خيال علمي” في العالم العربي، حيث تدور أحداثه في الشرق الأوسط المستقبلي عام 2120، وقد قام بطولة هذا المسلسل الممثل المصري البارز يوسف الشريف ، وتوقع المسلسل في ثنايا السيناريو والحوار به زوال دولة إسرائيل خلال السنوات المقبلة، وهو ما يوضحه هذا الحوار للمدرس مع التلاميذ… ترجمة MEMRI):

“يتحدث المعلم إلى الأطفال الصغار ويلقي عليهم مبادئ بعض من النقاط التاريخية..ويقول لهم : في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأ ميزان القوى في العالم يتغير… كانت كل دول أمريكا الشمالية تتحد فيما يسمى بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم بدأت تضعف وتتفكك وتتقاتل فيما بينها… وما كان يُعرف بالدول العربية أصبح أكثر قوة اقتصاديًا وعسكريًا.. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الداعم الرئيسي للدولة الصهيونية. وعندما أتيحت الفرصة للدول العربية للتخلص من عدوها اللدود، شنت الحرب التي أطلق عليها اسم “حرب تحرير القدس”.

لقد انتهت الحرب بسرعة وتم تدمير دولة إسرائيل الصهيونية قبل مرور 100 عام على إنشائها. الغالبية العظمى من اليهود في إسرائيل هربوا عائدين إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا ومختلف بلدان العالم…”

لا يبدو أن آراء المخرج ياسر سامي تختلف كثيرًا عن تصوير المسلسل لزوال إسرائيل. وبعد تعليق وزارة الخارجية الإسرائيلية على البرنامج التلفزيوني، رد سامي بالقول:

“على الكيان الصهيوني الانتظار لعام 2120 ليتحقق مما جاء في المسلسل من عدمه، ثم يعترض بعدها.”، وأضاف سامي إن المسلسل يحكي قصة حلم عربي يؤمن به الجميع ويحلمون بتحقيق هذه المبادئ. (توضيح: المقصود هنا حلم زوال دولة إسرائيل ومبادئ طرد سكانها من أراضيهم. وأضاف سامي نصا وفقا لحواره مع موقع مصراوي: “المسلسل يحكي عن حلم عربي نؤمن به ونحلم به أيضا، فلسطين أرض عربية إسلامية محتلة، وأنا وفريق العمل عبرنا عن هذا بالصورة، ولكن يبدو أن الصورة التي صنعتها كانت صادقة فأزعجتهم”.

وفي تقرير عن هذا المسلسل التلفزيوني المصري نُشر على موقع بي بي سي عربي يوم 27 أبريل/نيسان، اختار الكاتب تضمين التعليقين التاليين على تويتر:

تقول التغريدة الأولى.. اول يوم ابدأ اتفرج علي مسلسل النهاية وبالنسبالي مفهوم جدا وتمام بس اللي لفت انتباهي جدا انه فيه حرب تحرير القدس..وانهيار الكيان الصهيوني وان الدول العربيه هتعيش ف النهاية سوا في بلاد الشام حاليا وهنا بقي نقول شابوه يوسف الشريف.

وتقول تغريدة ثانية:

#النهايه مسلسل له صدى عالمي، صحينا ولقينا اسرائيل معترضة على احداث المسلسل لما تناوله من زوال الكيان الغاصب بعد ١٠٠ سنة. رسالة صامته واحدة من يوسف الشريف عجزت عنها كل الحكومات. أحييك من كل قلبي يوسف وقد اختارت بي بي سي عربي تضخيم هاتين التغريدتين على الرغم من طابعهما البغيض وترويجهما للرأي القائل بأن زوال “الكيان الصهيوني” عن طريق الحرب التي يبدأها جيرانه العرب والتهجير الجماعي لشعب ذي سيادة هو جزء أساسي من الحرب، وهي الحرب التي ستنتج وتبدع ما وصفه التقرير ورسالة المسلسل بأنه سيمثل مستقبل أكثر إشراقا للعالم العربي.

واتخذت قناة بي بي سي عربي نهجا مماثلا فيما يتعلق بالتعليقات المتعلقة بمسلسل رمضاني آخر هو “أم هارون” بطولة الممثلة الكويتية حياة الفهد. وأثار المسلسل، الذي تم تصويره في البحرين والإمارات العربية المتحدة، وتبثه حاليا شبكة MBC السعودية، جدلا حول تصويره الإيجابي لجالية يهودية خيالية تعيش في إحدى دول الخليج في الأربعينيات.

وحتى قبل بث الحلقة الأولى، قامت “بي بي سي عربي” بالفعل بتضخيم العديد من التعليقات المتعصبة على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالفيديو الترويجي للبرنامج. وانتقدت التعليقات مسلسل “أم هارون” لأنه يعرض شخصيات يهودية تاريخية كأقلية دينية تواجه صعوبات. (توضيح: عرض BBC جاء في إطار برنامج تريندنج (BBC Trending)… وهو برنامج يناقش أبرز ما ورد في منصات ومواقع التواصل الاجتماعي العربية المختلفة). وقد قدمت المذيعة رانيا العطار هذه الحلقة ليوم 14 نيسان/أبريل:

وتقول واحدة من التغريدات… “في هذا الوقت، اختيار ممثلة كويتية #أم_هارون لعمل تلفزيوني تقدم فيه مظلومية اليهود في #الكويت، هو أحد أشكال التطبيع مع #الكيان_الصهيوني بشكل صريح مرفوض” ووضعت هذه التغريدة وضع هذه التغريدة…م. حسين الفضلي مواطن من الكويت.

وفي تفاصيل تغريدة أخرى عرضها البرنامج…

“مسلسل يدور حول التعايش مع اليهود في الخليج… مع وجود آلاف النساء الخليجيات اللاتي سجلن البطولات في شتى المجالات، ومع الكثير من القصص الحقيقية [التي تضم] بطلات كويتيات طوال فترة الغزو [من قبل العراق عام 1990-] 1991]، يتم تصوير دور اليهودية لتصبح البطلة.”

ووضعت هذه التغريدة (حنان أحمد القطان من الكويت):

“وفي تفاصيل تغريدة أخرى عرضها البرنامج… ما هي الأهداف المستفادة من مسلسل يحكي قصة يهودية تواجه المعاناة في الخليج؟ هل تبث إسرائيل مسلسلات عن قصة مسلم في سجونها، أو عن بيت هدمته لمستوطنيها… آو قصة آلاف الأسر الفلسطينية التي مزقت طائراتها أجسادها؟” وضع هذه التغريدة فهد من الكويت.

وبعد أسبوعين من تاريخ عرض مسلسل “أم هارون”، نشر موقع بي بي سي العربي مجموعة أخرى من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك التغريدة التالية للصحفي البريطاني الفلسطيني عبد الباريعطوان الذي يتمتع بسجل طويل في دعم العنف والعنف ومعاداة السامية:

ويقول عبد الباري: “مسلسل أم هارون من أخطر الحلقات في مسلسل التطبيع وشرعنة عودة اليهود إلى الجزيرة العربية ويهود خيبر خصوصا، ومن يقول غير ذلك فهو لا يعرف التاريخ”.

وقد تم عرض تغريدة عطوان دون انتقاد كما لو كانت جزءًا مشروعًا من محادثة عبر الإنترنت حول ارتباط المسلسل بالسياسة المعاصرة. وبالعودة إلى نص المبادئ التوجيهية التحريرية لهيئة الإذاعة البريطانية بشأن الضرر والجريمة وتحديدا القسم 5.3.38 سنجد إنها تنص على ما يلي: “يجب علينا التأكد من أن المواد التي تحتوي على معاملة مسيئة أو مهينة للأفراد أو الجماعات أو الأديان أو المجتمعات، لا يتم تضمينها في مخرجاتنا ما لم يكن السياق يبررها”.

بموجب قانون هيئة البث الخاص في بريطانيا المعروفة بـ-Ofcom، قد تشكل المواد خطابًا يحض على الكراهية إذا كان من المحتمل أن تشجع النشاط الإجرامي أو تؤدي إلى الفوضى. ويشمل جميع أشكال التعبير التي تنشر الكراهية أو تحرض عليها أو تروج لها أو تبررها على أساس التعصب على أساس الإعاقة أو العرق أو الجنس أو تغيير الجنس أو الجنسية أو العرق أو الدين أو التوجه الجنسي. وقد يقوم منتجو المحتوى بتضمين مساهمات من أشخاص أو منظمات ذات وجهات نظر متطرفة أو صعبة..عندما يتضمن المخرج آراء قد تحرض على الكراهية، يجب أن يكون لدينا مبرر تحريري ويجب أن يتضمن التحدي المناسب و/أو سياق آخر.

التعليقان المصريان الموضحان أعلاه يعبران عن الفرح والترقب لفكرة العدوان العسكري العربي الذي سيؤدي إلى إبادة إسرائيل وتشريد الملايين من مواطنيها اليهود. ويزعم تعليق عطوان أن عرض برنامج تلفزيوني عن جالية يهودية تاريخية في الخليج هو منحدر زلق يمكن أن يسرع هجرة اليهود غير المرغوب فيهم إلى أماكن في شبه الجزيرة العربية كانت خالية منهم منذ ما يقرب من 14 قرنا.

ومع ذلك، لم يتم بذل أي جهد لتضمين السياق ذي الصلة أو لتحدي تعليقات وسائل التواصل الاجتماعي التي تم اختيارها للترويج بواسطة بي بي سي عربي كما هو مطلوب بموجب المبادئ التوجيهية التحريرية لبي بي سي. إن ممارسة عرض تعليقات وسائل التواصل الاجتماعي دون الالتزام بالمبادئ التوجيهية التحريرية بشأن “الضرر والجرم” ليست جديدة. وقد رفعت مؤسسة كاميرا بالعربية شكوى ضد هيئة الإذاعة البريطانية BBC بشأن المنشورات المسيئة التي تسمح الهيئة وفريق الديجيتال بالقناة بنشرها على منصات BBC  في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا نزال ننتظر الرد.

للاطلاع على نص التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع “CAMERA UK” التابع لمؤسسة “كاميرا”

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *