التناول الانتقائي لموقع بي بي سي نيوز الإخباري فيما يتعلق بقطاع غزة

كتبت: هدار سيلع

16 ديسمبر / كانون الأول 2024

في الوقت الذي تحوّل فيه تركيز تغطية بي بي سي للشرق الأوسط في الأسبوع الماضي إلى سوريا، لا يزال الجمهور يشاهد تقارير متفرقة عن الأحداث في قطاع غزة، وغالبًا ما تروّج هذه التقارير لادعاءات لم تتحقق منها بي بي سي بشكل مستقل، وهي مأخوذة من جهة تديرها حماس.

في ظهر يوم 11 ديسمبر/ كانون أول، نشر موقع BBC News تقريرًا من إعداد، ديفيد غريتن، بعنوان “غارة إسرائيلية على منزل في شمال غزة تقتل 19 شخصًا، حسبما أفاد المسعفون“. يتعلق التقرير بحادث وقع في بيت لاهيا، ومصدره – مرة أخرى – هو المتحدث باسم وكالة الدفاع المدني التابعة لحماس، الرائد محمود بصل.

قالت مصادر طبية ووكالة الدفاع المدني التابعة لحماس؛ إن غارة جوية إسرائيلية في شمال غزة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 19 شخصًا، وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، لوكالة الأنباء الفرنسية أن عدة صواريخ أصابت منزلًا مكونًا من ثلاثة طوابق بالقرب من مستشفى كمال عدوان في مدينة بيت لاهيا، وأضاف أن العشرات من الأشخاص كانوا يعيشون هناك، وكان العديد منهم لا يزالون محاصرين تحت الأنقاض، وذكرت وسائل الإعلام الفلسطينية أن من بين القتلى تسعة أطفال.

في الفقرة الرابعة فقط يكتشف القرّاء أن هدف الهجوم كان إرهابيًا من حماس. حيث أكدت قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) أنها نفذت ضربة استهدفت “إرهابيًا” من حماس في محيط مستشفى كمال عدوان، لكنها شككت في عدد القتلى المعلن، وقالت: “وفقًا للفحص الأوّلي، فإن عدد الضحايا الناتج عن الضربة الذي تم نشره في وسائل الإعلام غير دقيق ولا يتوافق مع المعلومات التي تمتلكها قوات الدفاع الإسرائيلية”، وأضافت: “قوات الدفاع الإسرائيلية تواصل فحص الحادث.”

كما يعزز تقرير غريتن مزاعم نُسبت إلى “الأمم المتحدة” بشأن هجمات مزعومة على منشأة طبية غير مسماة، من المحتمل أن يكون مستشفى كمال عدوان “تستمر التقارير عن الهجمات على المستشفيات في شمال غزة، التي تكاد لا تعمل بسبب نقص الإمدادات الشديد.”

وقالت الأمم المتحدة: إن المستشفى تعرض للهجوم بالنيران والقنابل والقذائف في أربع مناسبات بين 3 ديسمبر/ كانون أول، والسبت، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص، من بينهم أربعة من أفراد الطاقم الطبي وطفل، وإصابة ثلاثة من العاملين في المجال الطبي على الأقل، بالإضافة إلى مرضى ومرافقين لهم.

وقال رئيس منظمة الصحة العالمية: إن مثل هذه الهجمات “غير مقبولة وتحرم الناس في شمال غزة من الخدمات الصحية التي كانت بالكاد متوفرة لهم.”

في الفقرة الأخيرة من التقرير، استشهد غريتِن ببيان صدر قبل ثلاثة أيام من جيش الدفاع الإسرائيلي قائلاً: “قال جيش الدفاع الإسرائيلي يوم الأحد إنه أجرى مراجعة ووجد أن قواته لم تقم بشن أي ضربات في منطقة المستشفى أو تتسبب في تدمير أي من معداتها الأساسية.”

غريتِن امتنع عن إبلاغ قرائه بأن جيش الدفاع الإسرائيلي كان قد نقل المرضى من ذلك المستشفى إلى منشآت أخرى قبل نحو أسبوعين، وقدم الإمدادات، أو أن مثل هذه العمليات مستمرة، كما لم يتطرق إلى الموضوع المهم المتعلق بالعمليات العسكرية لحركة حماس في المنطقة.

في اليوم التالي، 12 ديسمبر/ كانون أول، ظهر تقرير من، يولاند كنييل وجورج رايت، بعنوان مضلل “الغارات الإسرائيلية تقتل 12 شخصًا كانوا يحرسون شاحنات مساعدات غزة، بحسب ما قاله المسعفون“.

يعتمد هذا التقرير أيضًا على ادعاءات أدلى بها محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني التابع لحماس.

“على الأقل 35 فلسطينيًا قُتلوا في غارات إسرائيلية على غزة، بما في ذلك 12 كانوا يحرسون شاحنات المساعدات الواردة، بحسب ما قاله المسعفون المحليون ووكالة الدفاع المدني التابعة لحماس.

تم قتل سبعة حراس في غارة في رفح أثناء حماية شاحنات المساعدات من السرقة المسلحة العنيفة، التي يقول عمال الأمم المتحدة؛ إنها العقبة الرئيسية أمام إدخال الإمدادات إلى جنوب غزة، كما أسفر هجوم آخر عن مقتل خمسة حراس في خان يونس.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، لوكالة فرانس برس: “مرة أخرى، استهدفت قوات الاحتلال من يؤمنون شاحنات المساعدات”. وأضاف، أن نحو 30 شخصًا، معظمهم من الأطفال، أصيبوا أيضًا في الضربتين، وقال السيد بصل: إن الشاحنات كانت تحمل دقيقًا إلى مستودعات تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وفي وقت لاحق من التقرير، يكتشف القراء مدى تضليل العنوان في التقرير، حيث جاء فيه: “في بيان، قالت قوات الدفاع الإسرائيلية (الجيش الإسرائيلي): “في الليل، وبعد تلقي معلومات استخباراتية تشير إلى وجود إرهابيين من حماس، نفذ الجيش الإسرائيلي ضربات دقيقة على إرهابيين من حماس تجمعوا في نقطتين مختلفتين في جنوب غزة”.

وأضاف البيان، أن “جميع الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم كانوا من أعضاء حماس، وكانوا يخططون لاختطاف شاحنات المساعدات الإنسانية بشكل عنيف وتحويلها إلى حماس”.

بمعنى آخر، لم تجد صحيفة BBC News أي مشكلة في نشر عنوان يروج لمزاعم مصدرها حماس، حيث تم تصوير إرهابيين من حماس كانوا يخططون لاختطاف المساعدات الإنسانية على أنهم حراس أمن.

وتستمر تقارير، كنايل ورايت، في تضخيم مزاعم غير مؤكدة من محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني التابع لحماس: من جهة أخرى، قال الدفاع المدني: إن الضربات الجوية الإسرائيلية على منزلين بالقرب من مخيم النصيرات للاجئين في وسط غزة ومدينة غزة في الشمال، أسفرت عن مقتل 21 شخصًا آخرين”.

قال السيد بصل: “كان من بين الـ 15 شخصًا الذين لقوا حتفهم في النصيرات ستة أطفال، بينما عُثر على جثث ستة آخرين بعد ضربة جوية استهدفت شقة في مدينة غزة.”

لم يتم تزويد القراء بأي معلومات تتعلق بأهداف هذه الضربات.

كما نرى، بينما تقدم موقع BBC News تغطية لتضخيم مزاعم غير مؤكدة من مصادر حماس حول ما يُصور على أنه ضحايا مدنيون فقط، فإنه لم يقدم أي تقارير عن الضربات التي استهدفت عناصر حماس خلال نفس الأسبوع أو عن إطلاق الصواريخ التي استهدفت المجتمعات الإسرائيلية المدنية.

تتمثل إحدى السهوات الملحوظة في تغطية الـ BBC في عدم متابعة تقريرها الذي نشرته في 30 نوفمبر/ تشرين ثان حول ضربة استهدفت أحد عناصر حماس الذي كان أيضًا موظفًا في منظمة “المطبخ المركزي العالمي” (World Central Kitchen).

البي بي سي لم تقدم معلومات كاملة حول القضية المتعلقة بمنظمة “المطبخ المركزي العالمي” (WCK) في غزة.

بعد 10 أيام من التقرير الأول، تم الإعلان عن إنهاء المنظمة لعقد حوالي 12% من موظفيها في قطاع غزة، وقالت وكالة رويترز: إن المنظمة الأمريكية قامت بفصل العشرات من الفلسطينيين العاملين لديها، بعد أن زعمت إسرائيل أن 62 من موظفيها لهم صلات بجماعات إرهابية، وأشار مسئول أمني إسرائيلي إلى أن التحقيق الذي طالبت به إسرائيل كان يتعلق بمشاركة أحد موظفي WCK، المدعو أحمد عزمي قديح، في الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023، وأسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 آخرين.

حيث قُتل قديح في غارة جوية إسرائيلية على غزة في 30 نوفمبر/ تشرين ثان، وأكدت منظمة “المطبخ المركزي العالمي” في ذلك الوقت الغارة الجوية، وقالت إنها لا تملك معلومات عن أي موظف متورط في الهجوم الوحشي الذي وقع العام الماضي، وقال المسئول: إن المراجعة الأمنية الإسرائيلية خلصت إلى أن 62 من موظفي WCK لهم “صلات واتصالات مباشرة” مع جماعات إرهابية، وزوار موقع بي بي سي لم يشاهدوا أي تقارير متابعة لهذه القصة.

انقر هنا للاطلاع على النص الأصلي للتقرير باللغة الإنجليزية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *