هل أوفت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بوعودها التي قطعتها في أكتوبر/تشرين الأول 2023؟

بعد أسبوعين من أحداث السابع من أكتوبر 2023 المروعة، كانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في وضع “احتواء الأضرار”، في أعقاب انتقادات عامة واسعة النطاق لتغطيتها لغزو حماس لإسرائيل، والمجازر، وأخذ الرهائن، والحرب التي تلت تلك الهجمات غير المسبوقة. في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقد مجلس نواب اليهود البريطانيين اجتماعاً مع المدير العام  لبي بي سي تيم ديفي ومسؤولين آخرين. وكما أفادت صحيفة التلغراف في حينه:

لن تصف الـBBC حركة حماس بـ‘المسلحين’ بشكل تلقائي بعد الآن، وذلك عقب شكاوى من قادة يهود حول تغطية الشبكة.

كشفت هيئة الإذاعة البريطانية يوم الجمعة أن صحفييها لن يستخدموا بعد الآن مصطلح “مسلحين” كوصف افتراضي لحركة حماس، بل سيُشار إليها على أنها “جماعة محظورة ومصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الحكومة البريطانية وجهات أخرى”.

في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، نشر مركز الإعلام التابع لبي بي سي بياناً من الرئيس التنفيذي لشؤون الأخبار والشؤون الجارية، ديبورا تورنس، تضمن ما يلي (التأكيد تم على يد مؤسسة “كاميرا”):

استخدامنا للغة هو موضوع مثير للنقاش، وله أهمية كبيرة لجمهورنا. تستخدم “بي بي سي” كلمة “إرهاب” مع نسبة واضحة. وعندما نذكر حركة حماس، نوضح، حيثما أمكن، أنها منظمة إرهابية محظورة من قبل الحكومة البريطانية وجهات أخرى. كما نستخدم عبارات مثل “هجوم إرهابي” و”عمل إرهابي” مع نسبة واضحة.

كما تم الإبلاغ، تحركنا بعيداً عن استخدام كلمة “مقاتل” كوصف افتراضي لمقاتلي حماس أو حزب الله. لكننا لا نحظر الكلمات، وقد تكون هناك أوقات الآن أو في المستقبل يكون من المناسب فيها استخدام هذا المصطلح.

ومن الجدير بالذكر أن السيدة تورنس لم تشرح سبب استخدام تعبير “حيثما أمكن” ولم تحدد في أي ظروف قد لا تجد “بي بي سي” إمكانية توضيح أن حماس تُعرف كمنظمة إرهابية محظورة من قبل الحكومة البريطانية.

كما أفادت صحيفة التلغراف، وبعد مرور أكثر من 18 شهراً على التعهدات التي قطعها كبار مسؤولي هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، تكشف “كاميرا المملكة المتحدة” أن المؤسسة لم تلتزم بتلك التعهدات.

فخلال الفترة ما بين 1 يناير/كانون الثاني و30 أبريل/نيسان 2025، نشر موقع “بي بي سي نيوز” ما مجموعه 145 مقالاً أشار إلى حركة حماس. وقد أظهرت مراجعة دقيقة لهذه المواد الإعلامية أنها تنقسم إلى أربع فئات رئيسية بحسب طريقة توصيف الحركة الإرهابية:

  • الفئة الأولى: مقالات تُشير بشكل صريح إلى أن حماس منظمة إرهابية محظورة بموجب القانون البريطاني.
  • الفئة الثانية: مقالات تشير إلى أن حماس محظورة في بعض الدول، لكنها تغفل ذكر التصنيف الرسمي لها في المملكة المتحدة.
  • الفئة الثالثة: مقالات تصف حماس بـ”جماعة مسلحة” أو “مجموعة مقاتلة”، متجنبة تصنيفها كمنظمة إرهابية.
  • الفئة الرابعة: مقالات لا تذكر على الإطلاق حالة حماس كمُنظمة محظورة.

من بين 145 تقريراً تم تحليلها:

  • اثنا عشر مقالاً فقط (8.2%) تندرج تحت الفئة الأولى، حيث تشير صراحة إلى أن حماس منظمة إرهابية محظورة في المملكة المتحدة.
  • عشرة مقالات (6.8%) تذكر أن حماس محظورة في دول أخرى، لكنها لا تعترف بتصنيف المملكة المتحدة.
  • ثلاثون مقالاً (20.6%) تندرج تحت الفئة الثالثة، حيث تصف حماس بأنها “جماعة مسلحة” أو “مجموعة مقاتلة”.
  • ثلاثة وتسعون مقالاً (64.1%) لا تشير بأي شكل إلى حالة الحظر التي تطبق على حماس.

يمكن العثور على القائمة الكاملة للتقارير الـ 145 التي تم مراجعتها هنا.

كما نرى، لم تلتزم هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالالتزامات التي تعهد بها مديرها العام والرئيس التنفيذي لقسم الأخبار والشؤون الحالية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

الغالبية العظمى من تقارير موقع بي بي سي الإخباري، التي تُعتبر سجلاً عاماً دائماً، والتي نُشرت خلال فترة الدراسة، لم تُشر بأي شكل إلى أن حماس مصنفة كمنظمة إرهابية محظورة في المملكة المتحدة، ولم تتوقف الهيئة فعلياً عن استخدام مصطلح “مقاتل” كافتراضي، كما ادعى ديفي في ذلك الوقت.

وعلى الرغم من أن هذه الدراسة تتعلق فقط بالتقارير المنشورة باللغة الإنجليزية على موقع بي بي سي الإخباري، إلا أن وصف حماس بأنها “جماعة مسلحة” وعدم الإشارة إلى تصنيفها المحظور في المملكة المتحدة، يُلاحظ أيضاً بشكل متكرر في تقارير “بي بي سي” بالعربية.

لذا، فإن التغييرات السياسية المزعومة التي أعلن عنها ديفي وتورنيس تبدو وكأنها كانت مجرد محاولات للتخفيف من حدة الانتقادات الكبيرة في ذلك الوقت، بدلاً من محاولة حقيقية لمعالجة القضايا الخطيرة التي تنشأ من تغطية “بي بي سي”، والتي يرتبط كثير منها مباشرة بأسلوب الهيئة غير المتسق في استخدام اللغة عند تغطية الإرهاب.

للاطلاع على أصل التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع مؤسسة “كاميرا UK” انقر هنا.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *