“سكاي نيوز العربية” و”إندبندنت عربية”: تغطيتهم لقمة الهولوكوست في القدس نموذجاً لعدم النزاهة الإعلامية

Casa Rosada (رئاسة الارجنتين), CC BY 2.5 AR , عبر ويكيميديا كومنز

يختلف موقعا “سكاي نيوز العربية” و”إندبندنت عربية” عن غيرهما من المواقع الإلكترونية لوسائل الإعلام الغربية الناطقة بالعربية التي يتابعها فريق “كاميرا العربية”. إذ إن المواقع الغربية الناطقة بالعربية الأخرى التي نهتمّ بمتابعة أدائها تتبع مباشرةً قنوات أو وكالات أنباء دولية معروفة، ما يحتّم عليها قدرًا أكبر من الإلتزام بمعايير المهنية الصحفية بغض النظر عن الفئة المستهدفة لقرائها (أي سكان الدول العربية أو أبناء الجاليات العربية بمختلف الدول). أما “سكاي نيوز العربية” و”إندبندنت عربية” (الرابطان يخصان تعريفهما الذاتي على شبكة “لينكدين” الدولية) فإنهما نشأتا على أساس شراكة معلنة بين اثنتين من أشهر وسائل الإعلام البريطانية ومجموعتيْن إعلاميتيْن خليجيتيْن. وعلى الرغم من أن كل من الموقعيْن المعنييْن يحمل شارة الوسيلة الإعلامية “الأم”، بكل ما تحمله من دلالات على الإلتزام بقيم الصحافة النبيلة، إلا أن تغطيتهما للأحداث مُسيَّسة وخاضعة على الأرجح لمصالح المستثمرين الخليجيين الذين ينفقون أموالهم فيهما.

إذا عرضنا بإختصار لبعض التفاصيل بهاتين الشراكتيْن، فإن شركة أبوظبي للاستثمار الإعلامي (ADMIC)، التي يرأسها نائب رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة الأمير منصور بن زايد آل نهيان، تحتفظ بنصف أسهم “سكاي نيوز العربية” (مناصفةً مع شركة “كومكست” الأميركية المسيطرة على شبكة “سكاي” الدولية بأسرها)، مع العلم أن مقرّ الشراكة يقع في أبو ظبي. أما بالنسبة لـ”إندبندنت عربية” فإنها تتخذ من لندن مقرًا لها غير أنها تخضع تمامًا لسيطرة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق (SRMG) التي يتولى رئاستها عبد الرحمن بن إبراهيم الرُويتع المقرَّب من العائلة المالكة السعودية، علمًا بأن المجموعة السعودية ذاتها تصدر أيضًا صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية الشهيرة المعروفة بموالاتها للرياض.

وكان فريق “كاميرا العربية” قد أشار في عدة مناسبات سابقة إلى أن الشراكتيْن المذكورتيْن، من حيث تغطيتهما للملفات الإسرائيلية الفلسطينية على الأقل، لا تفرزان نتاجًا يلبي المعايير الصحفية الخلاقة القائمة على الموضوعية والنزاهة. وظهر الأمر جليًا مرة أخرى عند تجاهل “سكاي نيوز العربية” و”إندبندنت عربية”، حدثًا عالميًا بارزًا كانت قد إستضافته مدينة القدس في يومي 23 و24 من يناير/كانون الثاني 2020، حيث إنعقد فيها المنتدى العالمي حول المحرقة اليهودية بحضور عدد من أبرز القيادات العالمية ومنهم (على سبيل المثال لا الحصر) الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ونائب الرئيس الأميركي مايك بنس وولي العهد البريطاني الأمير تشارلز. وبطبيعة الحال تصدرت هذه القمة محور إهتمام أبرز وسائل الإعلام الدولية، ومن بينها القنوات والوكالات الغربية الناطقة بالعربية التي نتابعها وبينها كل من وكالة الأنباء الفرنسية وموقع France24 وقناة سي.إن.إن عربي وبي.بي.سي عربي ورويترز العربية ودويتشه فيله (موقع ألماني) وقناة الحرة الأميركية. كما يجب التنويه، للأمانة، أن الموقعيْن التابعيْن لصحيفة الإندبندنت وقناة سكاي باللغة الإنجليزية لم يقصّرا في تغطية وقائع هذه القمة الدبلوماسية التاريخية.

صورة للقادة المشاركين في منتدى الهولوكوست 2020 في القدس، نقلاً عن: Casa Rosada (Argentina Presidency of the Nation), CC BY 2.5 AR https://creativecommons.org/licenses/by/2.5/ar/deed.en, via Wikimedia Commons

صحيح أن “سكاي نيوز العربية” تطرقت في تغطيتها لعدة أحداث وقعت على هامش المؤتمر المذكور، ومنها تصريح نائب الرئيس الأميركي خلال إجتماعه برئيس الحكومة الإسرائيلي، ومشهد الخلاف الذي وقع بين عدد من رجال الأمن الإسرائيليين والرئيس الفرنسي أثناء زيارة الأخير للبلدة القديمة في القدس، بالإضافة إلى الزيارة التي قام بها ولي العهد البريطاني لقبر جدته الكائن أيضًا في القدس. غير أن القناة تغاضت للأسف في تغطيتها المتشظية عن أهمية المؤتمر نفسه الذي خُصص لتأكيد إلتزام القادة المشاركين فيها ودولهم بمحاربة معاداة اليهود تزامنًا مع حلول الذكرى الـ75 لتحرير معسكر الإبادة النازي أوشفيتس التي سبق للأمم المتحدة أن أعلنتها يومًا عالميًا لإحياء ذكرى المحرقة اليهودية .

أما موقع “إندبندنت عربية” فتجاهل بصورة شبه تامة المؤتمر ولم يأتِ ذكره إلا على هامش إقتباس مراسلة الموقع في إسرائيل آمال شحادة من تصريح للسياسي الإسرائيلي السابق إفراييم سنيه ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقب الخطة التي طرحتها إدارته لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وبالتالي فإنه الإقرار مرةً أخرى بأن النسختيْن العربيتيْن لقناة “سكاي نيوز” وصحيفة “إندبندنت” بعيدتان كل البعد عن المعايير الصحفية التي تتباهى بإتّباعها. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن “سكاي نيوز” الإنجليزية تضمّنت صفحتها المتعلقة بمدوّنتها السلوكية رابطًا يؤدي إلى موقعها باللغة العربية. أما “الإندبندنت” فلقد صرحّت علنًا لدى إطلاقها موقعها باللغة العربية بما يلي: “إن الممارسات والمخرجات التحريرية ستساير المعايير الشهيرة عالميًا الخاصة بمدونة السلوك والأخلاق الراسخة للإندبندنت…“. ترى، أين هذه التصريحات الجميلة من واقع العمل الصحفي لكلا الموقعين؟!

أنظر إلى تقرير مرصد الإعلام البريطاني التابع لمؤسسة (كاميرا) حول القضية ذاتها

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *