نشر موقع “إندبندنت عربية” يوميْ 16 و 18 من سبتمبر/أيلول 2020 تقريريْن لمراسله في الضفة الغربية خليل موسى تناول أولهما الموقف الفلسطيني من الانتخابات الرئاسية الأميركية فيما تعامل الآخر مع ردود فعل فلسطينية غاضبة على تصريح منسوب للسفير الأميركي لدى إسرائيل. غير أن كلا التقريريْن تضمن قراءة خاطئة لحقيقة المواقف الأميركية من المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية ومن السلطة الفلسطينية.
نشير بداية إلى أن فريق “كاميرا عربية” تواصل مباشرة مع المراسل موسى عبر حسابه على موقع تويتر غير أنه، بدلاً من التجاوب موضوعيًا مع تغريدتنا، فضل اللجوء إلى لغة الشعارات الجوفاء (أنظر أدناه). كما أنه، شأنه شأن رئيس تحرير “إندبندنت عربية”، لم يعمد إلى تصحيح بعض الأخطاء المذكورة أدناه.
وإذا خُضنا تفاصيل الأخطاء التي ارتكبها المراسل خليل موسى، فقد جاء في تقريره الأول المنشور يوم 16 سبتمبر/ أيلول 2020 بعنوان “تعويل فلسطيني على فوز بايدن في الانتخابات الأميركية لتحسين أوضاعهم“، أن “خلال ولاية ترمب، تدهورت العلاقة الفلسطينية الأميركية إلى مستويات غير مسبوقة، فقطعت العلاقات بين الجانبين بعد أشهر على دخوله إلى البيت الأبيض، ونقله السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها “عاصمة موحدة لإسرائيل“. غير أن هذا الادّعاء الأخير بشأن اعتراف ترامب بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل ليس صحيحًا على الإطلاق، كما سبق لفريقنا أن أظهر هذه الحقيقة لدى تعامله مع خطأ مماثل لمؤسسة إعلامية أخرى (“بي بي سي عربي”). أما الحقيقة فهي أن الإدارة الأميركية ما زالت، رغم نقلها سفارتها إلى القدس، تعتبر أن مسألة تحديد الوضع الدائم للمدينة متروكة للجانبيْن الإسرائيلي والفلسطيني تمشيًا مع أي نتيجة قد تفرزها المفاوضات المستقبلية بينهما.
كما ورد في تقرير خليل موسى المنوَّه به ما يلي:
“كما اعتبر الفلسطينيون أن خطة ترمب للسلام التي أطلقها بداية العام الجاري، تتبنى مواقف اليمين الإسرائيلي وتحرمهم إقامة دولة على حدود عام 1967 عاصمتها القدس وتمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجّروا منها.”
غير أن هذه الصياغة مضللة أيضًا، علمًا بأن مسألة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى داخل أراضي إسرائيل المعترف بها دوليًا (بحدودها ما قبل يونيو/حزيران 1967) لم تندرج في أي خطة سلام أميركية سابقة على مرّ عقود من الاهتمام الأميركي بهذه القضية. ثم يجوز التساؤل عما إذا كان غياب ذكر مسألة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين عن “صفقة القرن” حجّة حقيقية تبرر تعطيل العلاقة بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية الحالية؟ كلا! وذلك بشهادة المراسل موسى نفسه، الذي كان قد أقرّ في أكثر من تغريدة له على حسابه على تويتر في مارس/آذار 2019 بأن أيًا من مشاريع السلام السابقة، القائمة جميعًا على تصور حل الدولتيْن للشعبيْن، لم يستهدف قط السماح بإسكان جموع اللاجئين الفلسطينيين داخل الأراضي الإسرائيلية (الأمر الذي جعل المراسل موسى يرفض هذه المشاريع ويحبّذ النضال الفلسطيني السلمي من أجل تحقيق رؤية الدولة الواحدة التي تسمح تاليًا بعودة اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء المشروع الصهيوني على حد تعبيره).
كما أن ادّعاء المراسل موسى بأن خطة إدارة ترامب تتبنى مواقف اليمين الإسرائيلي مدعاة للتشكيك، خاصة وأن ذلك اليمين، ولو بعض الشرائح النافذة فيه، كان قد تحفظ علنًا من هذه الخطة لمجرد إبقائها الباب مفتوحًا أمام إنشاء دولة فلسطينية على أجزاء من الضفة الغربية.
أما بالنسبة للتقرير التالي، الذي نشره المراسل خليل موسى يوم 18 سبتمبر/أيلول 2020، فيعود مكمن الخطأ فيه إلى عنوانيْه الرئيسي والفرعي اللذين وردا كالآتي: “غضب فلسطيني من تصريحات السفير الأميركي في إسرائيل.. قال فريدمان إن إدارة ترمب تفكر في استبدال محمد دحلان بالرئيس عباس”. إذ يستند هذا العنوان إلى تصريح السفير فريدمان كما أوردته صحيفة “إسرائيل اليوم” الإسرائيلية، غير أنه يتجاهل حقيقة تراجع الصحيفة فيما بعد عن محتوى التصريح وإقرارها بأنها لم تنقل عن السفير الأميركي قوله بدقة، حيث كان مؤدَّى التصريح بالفعل التأكيد على أن الإدارة الأميركية لا تفكر أصلاً في الموضوع.
وعليه فإن كل التقرير الذي وضعه خليل موسى أصبح بمثابة “زوبعة في فنجان” ولم يعُد له ما يبرره من الأساس. ونعتبر بالتالي أنه كان جديرًا بهيئة تحرير “إندبندنت عربية” مراجعة هذا التقرير وربما حذفه تمامًا أو، على الأقل، إلحاقه بملاحظة توضيحية تبيّن أنه استند إلى إساءة فهم حقيقة تصريح السفير الأميركي.
أنظر التقرير المنشور أصلاً بالإنجلزية على موقع “CAMERA UK” التابع لمؤسسة “كاميرا”