قامت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) يومَي 27 و 28 من شهر فبراير/شباط 2019 بتسجيل برنامجها “قضايا عالمية” (Global Questions) باللغتين الإنجليزية والعربية في مقرّ جمعية الشبان المسيحيين (YMCA) الكائن غربي مدينة القدس المعترف بها دوليًا جزءًا من أراضي دولة إسرائيل. غير أن هذا الأمر لم يمنع نور الدين زورقي (إعلامي مغربي الأصل يعمل منذ أكثر من 25 عامًا كمذيع ومقدم برامج مختلفة في الـBBC)، الذي تولى حينها عرافة حلقة النقاش باللغة العربية ضمن البرنامج المذكور، من الإقدام في اليوم التالي لبث البرنامج (1 مارس / آذار 2019) على نشر تغريدة له على حسابه الشخصي في شبكة تويتر الذي يعرّفه رسميًا كموظف يعمل في هيئة الإذاعة البريطانية، حيث أبلغ متابعيه بأنه “يتواجد حاليًا في فلسطين“. ولم يكتفِ الزورقي بهذا التضليل المتعمد بل أرفق بتغريدته المذكورة رابطًا إلى صفحته على الفيسبوك حيث نشر ما لا يقلّ عن 3 صور تحت عنوان مماثل “في فلسطين“، مع العلم أن إحدى الصور المشار إليها قد تم التقاطها بوضوح داخل مبنى جمعية الشبان المسيحيين في القدس الغربية.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن المصطلحات التي استخدمها زورقي لدى عرافته البرنامج الحواري المذكور يوم 28 فبراير / شباط 2019 لم تلتزم أيضًا جانب الحياد، حيث ادّعى في مداخلته الافتتاحية بأنه يقدم البرنامج من “فلسطين”.
نرجو التأكيد على أن المنشورات والتصريحات الشفهية الصادرة عن الإعلامي زورقي تخالف بشكل لا يقبل التأويل ما يرِد من توجيهات سواء في “دليل الأسلوب الصادر عن أكاديمية البي.بي.سي” أو في “دليل الخطوط التوجيهية للبي.بي.سي حول نشاط موظفي الهيئة في شبكات التواصل الاجتماعي“، حيث تنص هذه التوجيهات على الآتي:
- لا يجوز خلال التغطية اليومية لقضايا الشرق الأوسط الإشارة إلى مناطق الضفة الغربية أو غزة على أنها “فلسطين”.
- إن “الخط الأخضر” يرسم الحدود بين إسرائيل والضفة الغربية (ما يعني أن القدس الغربية تقع ضمن الحدود الإسرائيلية).
- إن صيانة سمعة البي.بي.سي بصفتها وسيلة إعلامية موضوعية وغير متحيزة لهي أمر حيوي.
- لا يجوز لأعضاء فرق إعداد البرامج وغيرهم من الموظفين، لدى تعاملهم مع مواقع التواصل الاجتماعي، أن يظهروا بمظهر الانحياز لجانب سياسي على حساب آخر في مناطق ذات حساسية سياسية.
- إن النزاهة تمثل الشغل الشاغل بالنسبة للموظفين المتعاملين مع الأخبار والقضايا الجارية، ولا يجوز أن تتضمن مدوناتهم أو منشوراتهم الشخصية ما يمسّ باستقامة أو نزاهة هيئة الإذاعة البريطانية.
بالنظر إلى التناقض الصريح بين مضمون هذه التوجيهات وما نشره نور الدين زورقي على فيسبوك وتويتر، فقد قام فريق “كاميرا العربية” بتقديم شكوى إلى البي.بي.سي أملاً في أن تقرّ الهيئة الموقرة علنًا بهذا التجاوز للخطوط التوجيهية الخاصة بعمل طواقم التحرير كما تم الاستشهاد بها أعلاه، وأن تحثّ أيضًا السيد زورقي نفسه على حذف أو تعديل منشوراته الآنفة الذكر. غير أن أي خطوة عملية من جانب هيئة الإذاعة البريطانية لم تتبع إقرار البي.بي.سي يوم 15 مارس / آذار 2019 بأن الشكوى التي قدمتها “كاميرا العربية” قد تم تحويلها إلى الجهات المعنية. وجاء في معرض رد البي.بي.سي على الشكوى أيضًا أن هيئة الإذاعة تأسف لاحتمال إطالة الفترة المطلوبة لتقديم إجابتها النهائية على الشكوى، لكن هذه الإجابة لم تصل فريق “كاميرا العربية” على الإطلاق منذ ذلك الحين، الأمر الذي لا نستطيع تفسيره إلا بأنه يوحي بالاستهتار بنظام الشكاوى المعتمد في البي.بي.سي وبالتهرّب من استحقاقات الخطوط التوجيهية التي تنشرها بنفسها لموظفيها.
أنظر التقرير حول الموضوع في موقع “بي بي سي واتش” باللغة الإنجليزية