موقع بي بي سي العربي يروج لتشبيه معادٍ للسامية يتعلق بالهولوكوست

تشهد العاصمة البريطانية لندن من حين لآخر انطلاق مظاهرات تشارك بها بعض من الجمعيات منها حملة التضامن مع فلسطين، وجمعية أصدقاء المسجد الأقصى، وجمعية المسلمين البريطانية في لندن، وحملت التظاهرة عنوان ” المسيرة الوطنية من أجل فلسطين”.

وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن مركز المعلومات والتوثيق الإسرائيلي، فقد تم تنظيم مظاهرة حاشدة في 11 مايو 2019، من أجل احياء ذكرى النكبة الفلسطيني، وفي هذا الصدد تم تنظيم الفعاليات من قبل عدة منظمات معروفة بالعداء لإسرائيل ، وهي الجمعيات التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها ، تهدف في إطار منظومتها العملية إلى تشويه صورة إسرائيل والترويج لحملة مقاطعة إسرائيل المعروفة بــ (BDS). وشهدت فعاليات هذا اليوم ، المشار إليه في السابق ، في لندن حضورًا يتراوح بين 3،000 و 4،000 متظاهر ، وقاد المتظاهرون الفلسطينية عهد تميمي، أبنة قرية نبي صالح (بالقرب من رام الله)، وهي دائمة القيام بمشاغبات والدخول في مواجهات بصورة متكررة مع جنود جيش الدفاع الإسرائيلي.

وكان من بين المتحدثين في فعاليات هذا اليوم أيضا زاهر بيراوي والذي يعطي لنفسه توصيفا عبر حسابه في موقع X مفاده إنه صحفي ومذيع فلسطيني بريطاني،  غير أنه يرأس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا ، ويعد بيراوي ناشطا مرتبطا بحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين، وهو دائم المشاركة في تنظيم المسيرات والأساطيل البحرية إلى قطاع غزة، وهو أيضا عضو في اللجنة التي أعدت مسيرات العودة ،  وشارك في هذه الفعالية أيضا السفير حسام زملط، ممثل السلطة الفلسطينية في بريطانيا والذي تطلق عليه وسائل الاعلام العربية مجازا لقب السفير الفلسطيني في لندن. وحمل المتظاهرون لافتات ورددوا شعارات تطالب بـ“حق العودة” للفلسطينيين، والذي يعني، وفقًا للمفهوم الفلسطيني، تدمير طبيعة دولة إسرائيل كدولة يهودية”. (توضيح: حق العودة في الفكر الفلسطيني والعربي يعني القضاء على إسرائيل وعلى سكانها اليهود ممن يجب عليهم العودة إلى الدول التي حضر منها أجدادهم من جديد وترك الدولة تماما للفلسطينيين والعرب).

أحد المتحدثين في ذلك الحدث كان جلين سيكر، وهو من منظمة ‘الصوت اليهودي في حزبالعمال” ، وهي مجموعة تظهر عناصرها بصورة متكررة عبر قناة بي بي سي، يوجد لينك سيتم إرساله وقد تم توقيف سيكر مؤقتًا عن عضوية حزب العمل العام الماضي بسبب انضمامه لمجموعة على موقع فيسبوك تروج لمواد معادية للسامية. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة جويش نيوز اليهودية: (كانت ” المسيرة الوطنية من أجل فلسطين” ترفع الشعارات الثلاث التالية : الحق في الوجود! الحق في المقاومة! الحق في العودة!” ، وقد حضر هذه التظاهرة عدة نواب عمال، بما في ذلك وزير العدل في حكومة الظل ريتشارد بورجون).

(توضيح: تشكل المعارضة البريطانية حكومة موازية تضم مختلف الوزراء المقابلة للحكومة الفعلية التي تحكم بريطانيا ، وتمثل هذه الخطوة ركنا هاما في الفكر السياسي للمعارضة البريطانيا)

وكانت المظاهرة تحمل شعارات تدعي أن “إسرائيل تثير العنصرية ضد السامية” بدوره قال جلين سيكر، أمين جمعية اليهود المناهضة للصهيونية، للمتظاهرين إن نواب حزب العمال ممن يدعمون إسرائيل يمثلون ما يمكن وصفه بالطابور الخامس في حزب العمل ، وتقودهم السيدة مارغريت هودج وتوم واتسون والحركة العمالية اليهودية.” (توضيح: الطابور الخامس… هم مجموعة من الناس تعمل غالبًا على محاولة محاصرة المؤسسات من الداخل، وتكون إما في صالح جماعة العدو أو في الدولة. أنشطة الطابور الخامس قد تكون علنيةً أو سريةً) وادّعى سيكر في معرض كلمته أن الاتحاد الصهيوني المتواجد في لندن كان يتولى مهمة الدفاع الإنجليزي عن النازيون الجدد، وقال سيكر للجماهير المجتمعة خارج مبنى بي بي سي في بورتلاند بليس:

 “ما الذي يفعله اليهود في هذه المؤسسة مع هؤلاء الجرذان؟ أحذر القيادة اليهودية [البريطانية]، أثناء تحريضكم وشن حملة  الاتهامات بمعاداة السامية ضد جيريمي كوربين زعيم حزب العمال السابق وقيادات اليسار لتكميم أفواه منتقدي إسرائيل، وأثناء بكائكم على الذئب شهرا بعد شهر، سنة بعد سنة في حزب العمل ، وتجاهل تفشي قوى اليمين المتطرف والإسلاموفوبيا في الشارع البريطاني، يمكن القول أنكم الآن  لستم جزءًا من الحل، ولكنكم جزء من المشكلة.”

توضيح: القول بجملة ” بكائكم على الذئب شهرا “معناها الشخص الذي يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي وهو مثل عربي قديم، لطالما أُستخدم للذي يُخادع في سبيل تحقيق مصلحته، وهو ذاك الذي عنده ازدواجية سلوك يُحسن التفنن بها، تراه يشارك الذئب في فريسته ويشاطره الأكل كاسبا، ثم يذهب لمواساة الراعي الذي أكل الذئب غنمه فيبكي عنده حزينا.

وأضاف سيكر قائلا:

“أنتم تخدمون لحماية السم الذي سيدمر حريتنا وحريتكم أيضًا. إخوتي وأخواتي، نحن نقف إلى جانب الفلسطينيين ، ونحن أيضا ندعم مسيرة الحرية في غزة المحاصرة.”

وعلى الرغم من أن هذه المظاهرة وقعت على باب هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، لم نتمكن من العثور على أي تغطية باللغة الإنجليزية عنها. وعقب مرور أربعة أيام على وقوع هذه الفعالية ، وتحديدا في 15 مايو، نشر موقع بي بي سي العربي تقريرا اخباريا جاءت افتتاحيته على النحو التالي:

“يصادف اليوم الذكرى الحادية والسبعين “للنكبة”، وهو الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون والعرب على المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج ديارهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عقب قيام دولة إسرائيل في عام 1984. وفيما احتفلت إسرائيل بما تسميه “عيد الاستقلال” لا يزال الفلسطينيون المهجرون والأجيال التي لحقت بهم يعيشون في مخيمات اللجوء في الضفة الغربية وقطاع غزة وأماكن الشتات الأخرى.”

وعرض الموقع التفاصيل السابق ذكرها دون أن يتطرق بالمطلق للأسباب والجذور التاريخية لهذا السياق، وصاحب نشر هذا التقرير بروز عددًا من المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي التي “شددت على حق العودة” – لكن دون شرح ما يعنيه ذلك بالفعل. وكانت من بين التغريدات التي اختارتها بي بي سي لعرضها في سياق التقرير حديث أحد النشطاء المعارضين المحترفين لإسرائيل، بن وايت.

وعند حديث التقرير عن نقطة “مسيرة العودة الكبرى”، قال التقرير الإخباري نصا ما يلي: “كان الفلسطينيون قد أحيوا يوم الثلاثاء مرور عام على سقوط ستين شخصا في تظاهرات مسيرة العودة الكبرى العام الماضي، والتي تزامنت مع نقل السفارة الأميركية إلى القدس…واستذكر المتفاعلون أسماء الضحايا وظروف مقتلهم ونددوا بالاحتلال الإسرائيلي.” – ولكن لم يتم الإعلان أن معظم هؤلاء القتلى لديهم اتصالات مع الفصائل الإرهابية في قطاع غزة.

وفي عنوان فرعي حمل عنوان “متضامنون بريطانيون”، قال الموقع أن “وقد شهدت العاصمة البريطانية لندن تظاهرة حاشدة يوم السبت الماضي لإحياء الذكرى وتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين لا سيما في قطاع غزة”. ولم تتوفر أي معلومات عن منظمي تلك المظاهرة أو أن من بين المتحدثين فيها ناشط مرتبط بحركة حماس. ويشير التقرير بعد ذلك إلى أن أحد أعضاء فريق عمل بي بي سي ترندينغ (الذي لم يذكر اسمه، والذي لم ينشر نسخة باللغة الإنجليزية من هذا المقال على مدونة موقع بي بي سي نيوز) قد التقى ببعض المشاركين في المظاهرة من أجل فهم سبب “إعطائهم” في يوم من الراحة والأوقات الطيبة مع العائلة للانخراط في العمل السياسي…”.

تمت مقابلة خمسة مشاركين وتم تضخيم ادعاءاتهم وبياناتهم الخالية من السياق وغير الدقيقة في كثير من الأحيان دون انتقاد. وعلى سبيل المثال قال التقرير مشيرا إلى حديث متظاهرة تحمل أسم أيولنا التالي : “= الأمور تغيرت بالنسبة لها في عام ٢٠١٢ عندما زارت الضفة الغربية وشهدت “المعاملة اللاإنسانية” التي يعانيها الفلسطينيون على يد الإسرائيليين لا سيما في مدينة الخليل”.

وفي حديث ضيف آخر يدعى جيم رادفورد ورد التالي: ” كما يرى جيمي أن “القضية الفلسطينية” باتت رمزاً لكل أشكال وألوان الظلم وانعدام العدالة في مختلف أنحاء العالم، وأن من يدافع عن أي قضية عادلة في أي مكان بالعالم يجب أن يدعم الفلسطينيين في وجه الظلم والعدوان الإسرائيلي.”

وفي حديث لضيف آخر يدعى جاي ورد التالي : ” وأضاف: “كنت على جهل بما يدور هناك، ولكني بدأت بالبحث والقراءة والاستماع للناس. وخلصت إلى أن ما يحدث هو أمر فظيع بل إنه فصل عنصري يجب عمل شيء ما تجاهه”.”

وترى أليسيا بارتون ، وهي متحدثة أخرى من بين الضيوف التالي وفقا لعرض التقرير: ” وتعتبر أليسيا أن ما هو أهم من التظاهر في يوم النكبة أو غيرها من المناسبات “الانخراط في حملة مقاطعة إسرائيل، فهو الأسلوب الذي أثبت نجاعته مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وسيحدث فارقاً كبيراً بالنسبة للقضية الفلسطينية”.”

لم يكن لدى BBC Trending أيضًا أي مخاوف بشأن الترويج للتشبيه النازي المعادي للسامية من شخص تمت مقابلته يُدعى “جاي”. حيث قال في نص التقرير “لقد كنت متعاطفًا جدًا مع ضحايا المحرقة وقمت بزيارة متحف القدس لمعرفة المزيد عنهم، ولكن حقيقة أن الإسرائيليين يرتكبون الجرائم التي تتشابه في أركانها مع  جريمة المحرقة النازية ، ويتسببون في الفظائع ضد الفلسطينيين ، وهو أمر يتجاوز فهمي”.

ملحوظة: حذف موقع بي بي سي هذه الجملة من تصريحات جاي بعد ذلك عموما من أجل القاء الضوء على فداحة تأثير هذه لتصريحات يمكن مراجعة التعريف الرسمي للـIHRA لمعاداة السامية ، والذي أورد ما يلي: “أن عقد مقارنات بين السياسة الإسرائيلية المعاصرة وسياسة النازيين يمثل جريمة ومغالطة كبيرة.”

من ناحية أخرى وبالنسبة لعدد مشاهدي بي بي سي العربية، اتضح انه بلغ في بداية عام 2018،  43 مليون شخص، من الواضح أن بي بي سي سعيدة جدًا بترويج مثل هذا التصريح المعادي للسامية لجمهورها العريض.

أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع “CAMERA UK” التابع لمؤسسة “كاميرا”.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *