كتبت : هدار سيلع
في 22 مارس، نشر موقع BBC News تقريرًا حول حادث وقع في وقت سابق من ذلك اليوم، حيث تم اعتراض ثلاثة صواريخ أُطلقت من لبنان باتجاه بلدة المطلة، في حين سقطت ثلاثة صواريخ أخرى داخل الأراضي اللبنانية.
التقرير، الذي كان في الأصل بعنوان “إسرائيل تحذر لبنان من ردّ قاسٍ بعد إطلاق الصواريخ”، تم تعديله عدة مرات خلال الاثنتي عشرة ساعة التي أعقبت نشره. النسخة الحالية من التقرير، التي كتبها هيوغو باشيغا من بيروت وياروسلاف لوكيف من لندن، تحمل عنوانًا معدّلًا بأسلوب “الحدث الأخير أولًا”: “إسرائيل تقصف لبنان بعد أول هجوم صاروخي منذ وقف إطلاق النار“.
الفقرة الافتتاحية من التقرير تستخدم أيضًا هذا الأسلوب، حيث تبدأ بالرد الإسرائيلي بدلاً من ذكر الهجوم الصاروخي على إسرائيل أولًا، كما أنها لا تحدد موقع الهجوم:
“إسرائيل نفذت عدة غارات جوية على لبنان بعد إطلاق عدة صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل، في أسوى العنف منذ بدء وقف إطلاق النار في نوفمبر”.
الفقرتان الثانية إلى الخامسة تتعلق بالأحداث في لبنان بعد أن ردت إسرائيل على إطلاق الصواريخ، وهذا الموضوع هو أيضًا موضوع الصورة الوحيدة التي توضح التقرير:
“قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف عشرات من منصات الصواريخ ومركز قيادة تابع لحزب الله، الجماعة المسلحة والسياسية المدعومة من إيران، في جنوب لبنان.
قالت وزارة الصحة اللبنانية إن سبعة أشخاص، من بينهم طفل، قُتلوا وأصيب 40 آخرون في الضربات الجوية.
تعمل عدة جماعات مسلحة في لبنان، بما في ذلك حزب الله والفصائل الفلسطينية، ولم يتبنى أحد المسؤولية عن الهجوم.
بعد ساعات من الضربات الأولى، تم تنفيذ موجة ثانية من الهجمات في الليل على أهداف شملت ما وصفه الجيش الإسرائيلي بأنها مراكز قيادة، ومواقع بنية تحتية، ومنشأة لتخزين الأسلحة في لبنان”.
الفقرة السادسة من التقرير المشار إليه تذكر قصة مختلفة في موقع جغرافي آخر حيث تقول نصا التالي:
“هجوم الصواريخ يوم السبت من لبنان جاء بعد أيام من تعزيز إسرائيل هجومها ضد حماس، الحليف لحزب الله، في غزة.”
فقط في الفقرة السابعة من التقرير المشار إليه يجد القراء وصفًا مختصرًا للهجوم واكتشاف المكان الذي وقع فيه ..ويقول التقرير التالي:
“قال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض ثلاثة صواريخ في بلدة المطلة الشمالية في إسرائيل، ولم يسجل أي إصابات.”
التقرير من الـ BBC لا يتضمن بيانًا ذا صلة من رئيس مجلس المطلة البلدي ، حيث ويقول التقرير :
“قال رئيس مجلس المطلة البلدي دافيد أزولاي، إن بعضًا من 8% من سكان البلدة الذين عادوا منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر قد غادروا بعد الهجوم.”
ويضيف التقرير: “عودة السكان إلى المطلة في الظروف الحالية غير معقولة. سكان المطلة لن يكونوا رهائن لتسوية أمنية” كما قال.”
وفي السياق، يخبر باشيغا ولوكيف قراءهم بأن: (تم إضافة التأكيد هنا):
“التطورات تضع ضغوطًا على الهدنة الهشة التي توسطت فيها الولايات المتحدة وفرنسا، والتي أنهت أكثر من عام من الصراع بين إسرائيل وحزب الله. وفقًا لشروط اتفاق الهدنة، كان من المقرر أن ينشر الجيش اللبناني آلاف الجنود الإضافيين في جنوب البلاد لمنع الجماعات المسلحة من مهاجمة إسرائيل.
وكان من المطلوب من حزب الله سحب مقاتليه وأسلحته، في حين أن الجيش الإسرائيلي كان سيبدأ بالانسحاب من المواقع التي احتلها في الحرب.
لكن إسرائيل شنت ضربات جوية شبه يومية على ما تصفه بأهداف حزب الله، وأشارت إلى أن الهجمات ستستمر لمنع الجماعة من إعادة تسليح نفسها.”
كما نرى، ليس لدى الصحفيين أي شيء ليقولوه لقرائهما عن فشل القوات المسلحة اللبنانية في الوفاء بالتزاماتها بموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار. لم يتم تقديم أي تفاصيل حول أهداف تلك “الضربات الجوية شبه اليومية” وغيرها من العمليات التي شملت مواقع لإطلاق النار، نفقًا، جيبًا محملاً بالمتفجرات، عناصر حزب الله الذين يتعاملون مع الأسلحة، طرق التهريب، ومهربي الأسلحة وقاذفات الصواريخ ومخازن الأسلحة.
ومع ذلك، يخبر باشيغا ولوكوف قراءهم أن:
“الجيش الإسرائيلي لا يزال يحتل خمس مواقع في جنوب لبنان، وهو ما تقول الحكومة اللبنانية إنه انتهاك للسيادة الوطنية وخرق للاتفاق. تقول إسرائيل إن الجيش اللبناني لم يكتمل نشره بعد في تلك المناطق، وأنه بحاجة للبقاء في تلك النقاط لضمان أمن مجتمعاته الحدودية.”
كما كان الحال عندما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تقاريرها السابقة عن تلك “المواقع الخمسة” في الشهر الماضي، لم يتم تزويد القراء بتفسير كامل حول سبب اعتقاد الجيش الإسرائيلي بضرورة بقاء القوات في تلك المواقع المحددة أو كيفية ارتباط هذا القرار بفشل قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) والجيش اللبناني في تنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة.
تمامًا كما امتنعت بي بي سي لسنوات عن إبلاغ جمهورها بفشل يونيفيل والجيش اللبناني في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701، فإنها الآن تتجنب الحديث عن فشل الجيش اللبناني في الوفاء بالتزاماته بموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2024.
الإشارات الغامضة إلى “التحديات التي يواجهها الجيش اللبناني، بينما يحاول فرض السيطرة على المناطق الجنوبية التي كان لحزب الله فيها تقليديًا حضور قوي ودعم” لا توفر لجمهور بي بي سي النطاق الكامل من المعلومات التي يحتاجون إليها لفهم هذه القصة المحددة أو أي حوادث مستقبلية.
للاطلاع على النسخة الأصلية للتقرير كما نشر في موقع كاميرا أنقر هنا.