صحيفة “إندبندنت عربية” تدعي بأن الفلسطيىنيين يعانون من الاضطهاد حتى على الشبكة العنكبوتية، حيث أنهم محرومون من حرية التعبير. وذلك بناءً على تقارير صادرة عن منظمات غير حكومية، ولكن بدون أي دليل.
في سياق الجدل السائد حول مسألة فرض وسائل التواصل الإجتماعي آليات رقابة على المنشورات، كتب مراسل “إندبندنت عربية” في قطاع غزة عز الدين أبو عيشة تقريراً يندد بما اعتبره تضييق على النشطاء الفلسطينيين: “تويتر يغلق حسابات نشطاء فلسطينيين.“
يدعي المراسل بأن تطبيق “تويتر” قد قام بحظر عدد كبير ومتزايد من الحسابات الفلسطينية في الآونة الأخيرة فيما يُعد بمثابة سياسة ممنهجة ضد القضية الفلسطينية. كما استشهد برئيسي منظمتين غير حكوميتيين تعملا في مجال “الحقوق الرقمية”، حسب وصفه، قاما بالحديث عن اتفاق بين شركة “تويتر” وحكومة إسرائيل بهدف الإمعان في قمع الفلسطينيين.
الأول، ويدعى إياد الرفاعي ويترأس منظمة “صدى سوشال“، يشكو من استجابة “تويتر” السريعة لمطلب حكومي إسرائيلي بحظر عدد من الحسابات الفلسطينية، متحججاً كما هو المعتاد فلسطينياً بالقانون الدولي، ولكنه نسى أن يشير بأن تلك الحسابات دعت إلى العنف وحرضت على الكراهية:
ويقول مدير مركز “صدى سوشال” إياد الرفاعي، إن ملاحقة المحتوى الفلسطيني يخالف المواثيق والقوانين الدولية، استناداً للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تحمي حرية التعبير على قاعدة أن لكل إنسان حقاً في اعتناق آراء من دون مضايقة.
[…]ويتهم الفلسطينيون إدارة “تويتر” بأنها تتماشى مع الطلبات الإسرائيلية في ملاحقة المحتوى الفلسطيني، خصوصاً أنه قبل أسبوع تقريباً، طلبت وزيرة الشؤون الإستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية أوريت كوهين من إدارة تويتر حذف 250 حساباً فلسطينياً معظمها من قطاع غزة، بسبب التلاعب في نشر الأخبار وتزوير الحقائق. ووفقاً لبيانات مركز “صدى سوشال”، فإن تويتر استجاب بالفعل لذلك، وحذفت إدارة المنصة الرقم نفسه الذي تقدمت به الوزيرة الإسرائيلية.
وعن ذلك، يرى الرفاعي أن هذ الخطوة مؤشر خطير لسرعة تجاوب إدارة منصة “تويتر” مع الطلبات الرسمية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، والذي يمثل خرقاً واضحاً للقانون الدولي والمبادئ التي من المفترض أن منصة “تويتر” تتبناها.
أما الثاني فيدعى نديم ناشف ويدير مؤسسة “حملة” الإسرائيلية ومقرها حيفا (وبدلاً من أن يعرف الموقع بالمؤسسة على أنها تقع في إسرائيل، يعتبرها فلسطينية ويعتبر منطقة الجليل “أرض فلسطينية محتلة 1948“).
في حواره، أشار ناشف إلى وجود مؤامرة تجمع بين “فيسبوك”، “تويتر” وإسرائيل وتهدف إلى محو كل “محتوى فلسطيني”. كما أنه ذهب أبعد من ذلك حيث اتهم القوانين الأمريكية والأوروبية بمعاداة القضية الفلسطينية:
وفي سياق متصل، يقول مدير المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي “حملة” نديم ناشف، إن “اتفاقاً جرى بين الحكومة الإسرائيلية وفيسبوك وتوتير عام 2016 مبني على ملاحقة المحتوى الفلسطيني أو كما يسمونه المحتوى الذي يشجع الإرهاب أو ينتقد إسرائيل، وبالتحديد تويتر لديه قوانين لها علاقة بالقانون الأميركي والأوروبي في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب والمصنفين على قوائمه، لذلك نجد إغلاقاً لحسابات الفلسطينيين، ويظهر ذلك واضحاً بإغلاق توتير حسابات الشخصيات الفلسطينية المصنفة على قوائم الإرهاب في الحكومة الأميركية”.
وحول خوارزميات حذف المحتوى وإغلاق الصفحات، يشير ناشف إلى أن المعايير غير واضحة لدى “تويتر” و”فيسبوك”، وفي السياق الفلسطيني أن ذلك مبني على عدد البلاغات المقدمة ضد المحتوى، في ظل وجود تعاون بين الحكومة الإسرائيلية وشعبها، في تقديم بلاغات ضد المحتوى الفلسطيني، إضافة إلى وجود كلمات مفتاحية إذ تزال أي تغريدة أو منشور يحتويها ومن بينها “استشهاد” و”عملية استشهادية” و”صهيوني” و”احتلال” و”حماس” و”الجهاد الإسلامي”.
توصلت المنظمتان إلى النتيجة التالية:
وبحسب معلومات مركزي “صدى سوشال” و”حملة”، فإن إسرائيل في عام 2019 قدمت 12 ألف طلب إزالة محتوى وإغلاق صفحات، لشركتي “فيسبوك” و”تويتر”، واستجابت الشركتان لنحو 85 في المئة منها.
ما هو بالضبط “المحتوى الفلسطيني” المشار إليه؟
لا يعطي تقرير “إندبندنت عربية” أي لمحة عن ذلك “المحتوى الفلسطيني” الذي يندد بحذفه، فكان بإمكانه أن يستشهد ببعض المنشورات التي تعرضت للإزالة، حتى يحكم القارئ بنفسه عما إذا كانت الرقابة محقة أم لا. بل أن حتى موقعي مؤسستي “صدى سوشال” و”حملة” لم يقما كذلك بتقديم أي برهان غير الإدعاء المستمر بأن منصات التواصل الإجتماعي تضطهد الفلسطينيين.
والجدير بالذكر أن مؤسسة “صدى سوشال” نفسها تمجد الإرهابيين وتعتبرهم “شهداء”، كالمجرم يحيى عياش الذي قتل عشرات المدينيين الإسرائيليين عن عمد وبدم بارد بين 1993 و1996. على أيةِ حال، لا ترقى تلك المؤسسات المعروفة بدافعها عن العمليات الإرهابية الفلسطينية أن تعد حكماً نزيهاً يستشهد به لتقييم مدى حيادية ومهنية منصات التواصل الإجتماعي.
ولعل المثال الوحيد الذي ذكره التقرير ليبرهن عن “مطاردة” تطبيق “تويتر” للفلسطينيين و”الترصد” لمحتواهم هو صفحة “شبكة قدس الإخبارية”. من يدير هذه “الشبكة الإخبارية” التي تعمل من قطاع غزة ليس إعلامياً مهنياً، بل ناشطاً حمساوياً يدعى عز الدين الأخرس:
مدير شبكة “قدس” الإخبارية.
يقول الأخرس، “للمرة الرابعة فور وصول صفحتنا إلى مليون متابع على تويتر، أغلقت إدارة المنصة حسابنا، ولم نستلم إشعاراً تحذيرياً، ولا رسالة توضح أسباب الإغلاق، ما نقوم بنشره روابط إخبارية لمجريات الأحداث على الساحة الفلسطينية، ونعتقد أن ذلك تضييق على الرواية الفلسطينية، وانتهاك لحرية الرأي والتعبير”.
للأسف فإن منشورات الشبكة لا تمت للبرائة بصلة، حيث أنها تمجد قتلة مثل علاء أبو جمل، بهاء عليان ومصباح أبو صبيح وتعتبرهم “شهداء”. وبهذا فقد انتهك حساب الشبكة على “تويتر” لائحة التطبيق وتم حظره.
بالإضافة إلى ذلك فإن للشبكة صفحة على الفيسبوك تقوم بنشر مقاطع تمجد عمليات إرهابية قديمة باسم الحفاظ على “التراث”، وجميعها عمليات استهدفت مدنيين يهود أو إسرائيليين يتم تصويرهم على أنهم معتدين لقوا حتفهم، في حين أن القتلة ليسوا إلا ثوار، مجاهدين وشهداء. وتدخل المقاطع والمنشورات في إطار مشروع يدعى “فلسطين 27 ألف”، والرقم يرمز إلى مساحة فلسطين تحت الإنتداب البريطاني وهي إشارة إلى عدم إعتراف الشبكة بدولة إسرائيل.
عملية كريات شمونه الإرهابية عام 1974:
عملية فندق سافوي الإرهابية عام 1975:
مقتل مدنيين إسرائيليين في يهودا والسامرة بالرصاص:
مجدت “الشبكة” كذلك أعمال إرهابية قديمة على صفحتها على الفيسبوك:
عملية نهاريا الإرهابية عام 1974:
عملية بيت شيئان الإرهابية عام 1974:
عملية كفار يوفال الإرهابية عام 1975:
في المحصلة، في الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول 2018 وأكتوبر/تشرين الأول 2020، نشرت “شبكة قدس الإخبارية” ما لا يقل عن تسعة فيديوهات تقوم بتمجيد عمليات إرهابية فلسطينية قامت باستهداف وقتل مدنيين يهود وإسرائيليين.
عمليات إرهابية أخرى حظيت بتمجيد “الشبكة الإخبارية” على تطبيقات يوتيوب وانستاغرام.
في مقطع عن أحد الرجلين الذين قاما باقتحام كنيس يهودي في أورشليم القدس في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 ورشق المصلين بوابل من الرصاص، غسان أبو جمل، تعرض الشبكة صور لدماء الضحايا وهي تسيل على الأرض وتضع لهذا المشهد المروع العنوان التالي: “مشاهد من العملية البطولية للشهيدين عدي وغسان أبو جمل.”
منشور آخر على الانستاغرام يحتفي بوالدة المجرم مهند الحلبي الذي طعن مدنيين إسرائيليين حتى الموت:
إن محاولات صحيفة “إندبندنت عربية”، والمؤسسات التي تستشهد بها، إظهار “شبكة قدس الإخبارية” على أنها جهاز إعلامي نزيه وبريء ليست إلا محاولة آثمة لإضفاء نوع من الشرعية على الدعوة للعنف والكراهية باسم حرية التعبير. وعلى وسائل التواصل الإجتماعي جميعها أن تحظر تلك الشبكة على صفحاتها وفقاً للقانون.
أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجلزية على موقع “CAMERA UK” التابع لمؤسسة “كاميرا”