انحياز كامل ضد إسرائيل في تغطية “فرانس 24” باللغة العربية للمواجهة العسكرية بين إسرائيل وحركة حماس

في حديث تحليلي أدلى به محرر الشوون الدولية في قناة “فرانس 24” باللغة العربية خالد الغرابلي، في سياق تغطية القناة الفرنسية الحكومية للمواجهة العسكرية التي دارت بين إسرائيل وحركة حماس أثناء الشهر المنصرم، أظهر الصحفي انحيازاً فاضحًا ضد إسرائيل يفتقد للحد الأدنى من المهنية الإعلامية.

أولاً، ادعى خالد الغرابلي أن إسرائيل قد قامت في قطاع غزة بما “يرقى أن يكون جريمة حرب”، علماً بأنه صحفي وليس قاضياً في محكمة دولية. كما أنه يمثل قناة إخبارية فرنسية حكومية من المفترض أن تكون محايدة وأن تمثل الموقف الفرنسي الرسمي، أو على الأقل ألا تبتعد عنه كثيراً، حيث أنه من شبه المستحيل أن يقوم محرر في “فرانس 24” باللغة الفرنسية باتهام إسرائيل جزافاً بارتكاب جرائم حرب.

ثانياً، برر الصحفي اتهامه الموجه لإسرائيل، على الرغم من اعترافه بأن سلوك حركة حماس لم يحترم القانون الدولي بسبب استهدافها المتعمد للمدنيين، قائلاً بأن المواجهة العسكرية أوقعت عدداً أكبر من الضحايا في صفوف الفلسطينيين. فمنذ متى تقاس قانونية المواقف بعدد الضحايا التي تخلفها؟! كما أنه لو لم تكن لدى إسرائيل منظومة القبة الحديدية، لربما كان يسقط الألاف من الضحايا المدنيين على أراضيها. ولو كانت تتمتع حماس بالقدرات العسكرية الإسرائيلية، لقامت بأبشع الجرائم، وفقاً لميثاقها الداعي علناً إلى قتل اليهود واستئصال دولة إسرائيل بأكملها.

ثالثاً، يشير الغرابلي إلى أن “حجة إسرائيل” القائلة بأن حماس “تستخدم المدنيين [الفلسطينيين] كدروع بشرية لم تعد تقنع الكثيرين”، متناسياً بأن القذائف والصواريخ التي تم إطلاقها على المدن والبلدات الإسرائيلية عادةً ما كانت تطلق من مباني سكنية ومنشآت عامة في قطاع غزة، كما هو معلوم للجميع، كما أن حماس لم تنفي ذلك على الإطلاق. والمفترض من صحفي محايد ومهني أن يعرض الأحداث وأن يحللها، وليس أن يقوم بتقييم مواقف الدول وبإصدار اتهامات قانونية وفقاً لآرائه وأهوائه.

رابعاً، حينما سألت المقدمة الصحفي عن سبب التأخر في التوصل إلى وقف إطلاق النار، أجابها على النحو التالي: “لأن الولايات المتحدة توفر الغطاء لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليفعل ما يريده في غزة.” ولكنه لم يشر إلى رفض حماس التوقف عن رشق المدن والبلدات الإسرائيلية بمئات الصواريخ في الوقت الذي طالبت فيه بالهدنة وعن وضع حماس شروط تعجيزية، ولا سيما انسحاب الشرطة الإسرائيلية من محيط المسجد الأقصى. والجدير بالذكر أن الأماكن المقدسة الإسلامية في البلدة القديمة لأورشليم القدس تخضع للإشراف الإداري الأردني وللتأمين من قبل إسرائيل، ولا دخل لحماس (أو حتى للسلطة الفلسطينية) بهذا الشأن على الإطلاق.

خامساً وأخيراً، يعود خالد الغرابلي ليلوم حركة حماس الإرهابية (وفقاً لتصنيف الإتحاد الأوروبي الملزم بالنسبة لفرنسا أيضًا) على استهداف المدنيين فيما يشبه عتاب الأصدقاء، ثم يضيف بأن “ما تفعله إسرائيل هو أخطر” لأن إسرائيل “دولة ديمقراطية” وبالتالي “فيفترض أن تكون أكثر إلتزاماً بالقانون الدولي”! أما “فصائل غزة”، أي حماس والجهاد الإسلامي، فقد نجت من اتهامات الصحفي المُغرم بالقضاء لكونها غير ديمقراطية… فيا له من منطقٍ معوجّ!

وعليه تطالب مؤسسة “كاميرا” قناة “فرانس 24” باتخاذ التدابير اللازمة لعدم تكرار مثل هذه الممارسات في المستقبل، حيث أن هذه الطريقة في عرض الأحداث وتغطية الصراعات تفقد القناة الإخبارية مصداقيتها أمام العالم.

بقلم: د. مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في أورشليم القدس ومستشار بمؤسسة “كاميرا”.

أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *