في حوار له على قناة روتانا خليجية الفضائية بتاريخ 24 يناير/كانون الثاني 2022، انتقد الدبلوماسي السعودي المخضرم ووكيل وزارة الخارجية السعودية سابقاً الدكتور سعود كاتب نهج عدد من القنوات الغربية الناطقة بالعربية واستشهد بقناة “بي بي سي عربية”. وذلك في سياق إدلاءه برأيه في قضية مهدي عفيفي والتي أثارت الرأي العام العربي.
للتذكرة فإن الدكتور مهدي عفيفي هو محلل سياسي مصري وعضو ناشط في الحزب الديمقراطي الأمريكي، كان قد طالب بمستحقاته المالية المتأخرة في قناة “بي بي سي عربية”، على الهواء مباشرةً، أثناء مداخلة له في بداية العام الجاري للتعليق على الأزمة بين روسيا والغرب حول أوكرانيا. بدأ عفيفي حديثه خلال المداخلة قائلا: “ما حدث أن الرئيس بايدن وجد أن رأيه بالأمس أدى إلى اختلاط في وجهات النظر، وقد يكون هذا سماح لروسيا في الدخول إلى أوكرانيا”، ولكنه سرعان ما انتقل بشكل مفاجئ إلى موضوع المستحقات المالية، قائلاً: “الموضوع المهم الآن الذي أريد أن نناقشه، على مدى عامين لم تدفع ‘بي بي سى أي مستحقات لنا”، في إشارة إلى المحللين الذين يظهرون على برامج القناة. ولوح عفيفي على الشاشة بورقة تظهر مطالبته المسؤولين في القناة بمستحقاته المالية، بينما أنهت المقدمة الحوار.
تعليقاً على هذه الواقعة، أعرب الدكتور كاتب عن عدم تأييده لفضح الدكتور عفيفي قناة “بي بي سي” على الهواء، ولكنه في ذات الوقت وجه انتقاداً لاذعاً للقناة البريطانية التي طالما تغنت بالحق والمثاليات في حين أنها لا تعطي للعاملين معها حقوقهم، ويرى في ذلك تناقد غريب. وقد اعتبر الدكتور كاتب أن هذه الواقعة قد أفقدت القناة الكثير من مصداقيتها في نظر الشارع العربي، لأنها تفعل عكس ما تقوله.
وفي سياق حديثه، أعرب الدكتور كاتب عن استياءه من ازدواجية المعايير وفقدان المصداقية في عدد كبير من القنوات الدولية الناطقة بالعربية قائلاً إن “كثير من القنوات العالمية أفقدتها النسخة العربية الكثير من مصداقيتها”. ويرى كاتب أن السبب الرئيسي يرجع إلى “استقطاب” هذه القنوات لصحفيين “أصحاب أجندات وتراكمات نفسية” معينة، مضيفاً أنهم “نقلوا مشاكلهم وأجنداتهم وهمومهم إلى هذه القنوات فأفقدوها الكثير من مصداقيتها”.
لقد تحدث الدكتور كاتب عن ظاهرة عامة تشمل العديد من القنوات ولم يخص بالذكر “بي بي سي عربية” إلا كنموذج، إنطلاقاً من واقعة مهدي عفيفي. وأوضح أن “بي بي سي” بالإنجليزية ليست موضوعية بشكل مطلق ولكنها أكثر موضوعيةً ومصداقيةً من النسخة العربية. وهذا على خلاف ميثاق القناة الذي ينص ويشدد على ضرورة أن تسير النسخة العربية على خطى القناة الأم وأن تحترم المعايير المهنية للقناة.
ويُعد الدكتور سعود كاتب من الإعلاميين البارزين على الساحة العربية اليوم، ولا سيما الخليجية، ومتابع جيد لمجمل القنوات العربية والدولية الناطقة بالعربية والتي اعتاد الظهور عليها. وتأتي تصريحاته متطابقةً مع عدد من التقارير التي أصدرتها مؤسسة “كاميرا”، مطالبةً في كل مرة القنوات الدولية الناطقة بالعربية بالالتزام بالموضوعية في عملها والتحلي بالمصداقية من خلال احترامها للمعايير المهنية المتعارف عليها والتي ارتضت بها وتعهدت باحترامها.
بقلم: د. مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في أورشليم القدس ومستشار بمؤسسة “كاميرا”.
أنظر إلى التقرير الأصلي على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.