عقب التواصل مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، واستنادا إلى المواد التي تم الإبلاغ عنها وترجمتها مؤسسة كاميرا العربية، في ٤ مايو ٢٠٢٢، طالبت صحيفة جويش كرونيكل مؤسسة بي بي سي العربية باتخاذ إجراء لتعديل (الصياغة التحريرية) للعديد من الأخبار المنشورة في الفترة ما بين ١٨ أبريل و ٢٢ أبريل عام ٢٠٢٢.
جميع العناصر التي عرضتها بي بي سي – وهي عبارة عن ثلاثة مقاطع فيديو وصفحة ويب واحدة – وصفت اليهود؛ الذين يزورون جبل الهيكل خلال عيد الفصح، على أنهم “مستوطنون” “اقتحموا“ رحاب “المسجد الأقصى” (مرة واحدة تم وصفها: “باحة الأقصى”)، اثنتان من هذه المواد المنشورة تعاطيتا مع الأمر صحفيا بهذه الطريقة، حتى عندما اعتمدوا على المعلومات والمصادر الإسرائيلية في تناولهم لهذه القضية.
وقد جعلت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) اثنين من مقاطع الفيديو الخاصة بها على YouTube (لهذا الموضوع) خاصاً، وبالتالي غير متاح للعامة، وقد تلقى مراسل بي بي سي العربية في القدس “مهند توتونجي“ توصيات بإزالة مقطع فيديو ثالثاً له أثناء تغطيته صحفياً لبث مباشر لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي العربية، وظهر على حسابه الشخصي على فيسبوك.
كان الإجراء المتخذ بخصوص صفحة الويب أقل وضوحاً، وبدلاً من اتباع النموذج الذي انتهجته وسائل الإعلام الأخرى، وتصحيح المصطلحات غير الدقيقة ببساطة، اختار محررو بي بي سي العربية حذف جميع الأدلة التي تشير إلى وجود زوّار يهود في جبل الهيكل، وبالتالي تغيير الخبر بأثر رجعي. فيما يلي حساب تفصيلي للأجزاء التي تم تحريرها (النسخة الأصلية متاحة هنا، النص المحذوف باللون الأحمر، التعديلات باللون الأخضر):
وفيما يلي نص الموضوع كما عرضه موقع بي بي سي، عبر موقعه باللغة العربية:
متى سينتهي العنف في المسجد الأقصى؟
اقتحم مستوطنون إسرائيليون، صباح الخميس 21 أبريل/ نيسان، ساحات المسجد الأقصى بمدينة القدس، وسط حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية، واستمر الاقتحام نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة، تخللته اشتباكات بين مصلين والشرطة الإسرائيلية، التي انتشرت في ساحات المسجد الأقصى، قبل أن يغادره المستوطنون والشرطة.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس، إن عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد، بلغ 762 مستوطنا. وقبيل اقتحام المستوطنين، أجبرت الشرطة المصلين المسلمين على إخلاء ساحات المسجد، وهو ما تسبب في اندلاع اشتباكات. وأفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز والرصاص المطاطي لإخراج المصلين من المصلى القبلي.
“اقتحامات إسرائيلية متكررة”
ويقتحم مئات المستوطنين المسجد الأقصى بشكل يومي، منذ يوم الأحد، بالتزامن مع عيد الفصح اليهودي، الذي بدأ مساء الجمعة الماضي، وينتهي الخميس، وتمت الاقتحامات على شكل مجموعات، ضمّت كل مجموعة عشرات المستوطنين، بحراسة عناصر من الشرطة الإسرائيلية، ما أدى إلى وقوع اشتباكات، مع فلسطينيين اعترضوا على ذلك، سقط خلالها عشرات الجرحى من الفلسطينيين، وأصيب عدد من الإسرائيليين، كما اعتقلت الشرطة عدداً من الفلسطينيين.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الشرطة ستوقف الاقتحامات الإسرائيلية، بدءاً من يوم الجمعة 22 أبريل/ نيسان، وحتى عيد الفطر بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان.
يقدم هذا “التصحيح عبر الإنترنت” من بي بي سي العربية، رواية لأحداث منفصلة عن الواقع (غير صحيحة)، ولا يستبعد التقرير فقط وفي صورته تلك موضوع الزوّار اليهود لمنطقة الأقصى فحسب، بل يحجب أيضاً حقيقة أن ردود الفعل العنيفة على وجودهم كانت السبب وراء الاشتباكات بين “المصلين“ الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية.
(توضيح إضافي: حاولت بي بي سي هنا، وعبر محررها الصحفي، تسويق فكرة؛ أن اليهود ممن وصلوا إلى باحات الأقصى كان هدفهم فقط استفزاز المصلين المسلمين، غير أن الحقيقة التي يعلمها الجميع، وبموضوعية، أن اليهود يحضرون للصلاة في المواقع المقدسة لديهم، والموجودة بالقرب من الأقصى، وهو ما لم يُولِه كاتب التقرير في بي بي سي أي انتباه، أو يعيره أي اهتمام).
ومع تجاهل حقيقة الهدف من زيارة المدنيين اليهود للقدس من القصة، تشير نسخة بي بي سي العربية، إلى أن الشرطة اشتبكت بشكل عفوي مع الفلسطينيين طوال عيد الفصح، والأمر الأكثر غرابة؛ أن بي بي سي العربية نقلت أيضاً على لسان الشرطة قولها؛ إنها ستتوقف عن “اقتحام” الحرم، وفي الواقع، كانت زيارات غير المسلمين عبر باب المغاربة هي التي تم تعليقها خلال العشر الأواخر من رمضان.
يشير هذا التعديل إلى أن بي بي سي العربية، لم تتوصل إلى الاستنتاجات المناسبة لحقيقة ما يجري في باحات الأقصى، بجانب هذا انتهج الموقع نفس السياسة التحريرية في تعاطيه مع هذه القضية أيضا في إحدى المقالات الأخرى أيضا، التي يرجع تاريخها إلى يوم الخميس 5 مايو/آيار. واتبعت السياسة التحريرية للموقع نفس الطريقة في الحديث عن الاشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين، دون الإشارة إلى أنها حدثت فعليا عقب بعد إعادة فتح الموقع للزوّار اليهود.
(توضيح: لم توضح “بي بي سي” أن اشتعال المواجهات يأتي لرغبة المسلمين في استفزاز المصلين اليهود، والاشتباك معهم أثناء أداء شعائر الصلاة في الأيام المقدسة، ومرورهم من أمام ساحات الأقصى، في طريقهم للمواقع اليهودية في بعض الأحيان).
بقلم: هادار سيلع
أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع “CAMERA UK” التابع لمؤسسة “كاميرا”.