اختفاء خالد الغرابلي خطوة في الاتجاه الصحيح من قبل قناة “فرانس 24” العربية

غاب خالد الغرابلي، وهو محلل الشؤون الدولية في قناة فرانس 24  الناطقة بالعربية والمعروف بعدم الحيادية أو المهنية في معالجته الصحفية للملف الإسرائيلي، عن الظهور على شاشة القناة الفرنسية الحكومية منذ شهرين. غياب الغرابلي يأتي تزامناً مع حذف صفحته التعريفية من موقع القناة، وهو ما يشير إلى أنه لم يعد يعمل ضمن طاقم القناة، كما تم حذف صفحته التعريفية الخاصة من موقع القناة، وباتت متوافرة فقط ضمن من عملوا سابقاً بفرانس ٢٤ رغم وجود صفحات تعريفية خاصة ببقية الزملاء، والتي يعود تاريخ بعضها إلى سنوات مضت، وقد كان آخر ظهور له على الهواء بالقناة من العاصمة الفرنسية باريس، في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

 وفي بداية شهر يناير/كانون الثاني من هذا العام، سافر الغرابلي إلى العاصمة القطرية الدوحة، للعمل في قناة العربي التلفزيونية القطرية، والتي دشنها النائب الإسرائيلي السابق في الكنيست الدكتور عزمي بشارة.

يذكر أن توجه الغرابلي المعادي لإسرائيل، بات أكثر وضوحًا عقب هجمات حماس الوحشية في ٧ أكتوبر، التي استهدفت بالأساس المدنيين الإسرائيليين.

فقد وصف الغرابلي المختطفين الإسرائيليين في قبضة حماس بأنهم “مستوطنون”، رغم أن غالبيتهم إما سكان منطقة الحدود مع قطاع غزة، أو سكان مناطق أخرى في إسرائيل معترف بها دوليًا، باعتبارها جزءًا من إسرائيل، ولا يسكنون في أراض استيطانية متنازع عليها.

كما زعم الغرابلي أن تصريحات وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، التي قالها في إسرائيل، وتحديدا قوله “أتيت هنا لإسرائيل باعتباري يهوديًا” ستشكل مشكلة بالنسبة للإدارة الأمريكية لـ”تقديم نفسها بوصفها وسيطًا محايدًا بين الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني.

وقد أنكر لاحقًا وجود دوافع معادية للسامية تقوم بالتأثير على ما تقوم به حركة حماس.

عمومًا، هناك نقطتان محوريتان في حديث الوزير الأميركي، توني بلينكن، الأولى؛ تتعلق بقوله إنه لم يأتِ إلى إسرائيل باعتباره وزيرًا للخارجية الأميركية، بل جاء باعتباره يهوديًا.

 وهنا يوجد إقحام للبعد الشخصي لوزير الخارجية في العلاقات الأميركية مع إسرائيل، الأمر الذي سيكون مشكلة إذا أرادت الولايات المتحدة تقديم نفسها باعتبارها وسيطًا محايدًا بين الجانبين.

النقطة الثانية؛ هي أنه يتحدث عن فهْمه الشخصي لحجم المجازر التي ارتكبتها حماس ضد أبناء الشعب اليهودي، لذا فإن ما نفهمه من كلامه هنا هو؛ أن ما فعلته حماس هو استهداف لليهود والعقيدة اليهودية.

لكن الحقيقة أن الأمر ليس على هذا النحو، بمعنى أن حماس تنظر وتتعاطى مع الدولة الإسرائيلية باعتبارها دولة احتلال، حيث تعيش حماس والفلسطينيون تحت الاحتلال، وبالتالي فإن الطرف المستهدف ليس بالضرورة اليهود.

وهذا ليس صراعًا دينيًا بين المسلمين، ممثّلين بحماس، واليهود، ويخلط كثيرون بين حماس باعتبارها حركة وتنظيمًا، وبين قطاع غزة بأكمله، بمعنى أن حماس هي التي تسيطر عليه.

 ومن هنا، فإن حديث بلينكن بهذه الطريقة يعطي الانطباع كما لو أن الصراع ديني، بين المسلمين وبين اليهود، وكأن اليهود مستهدفون فقط لأنهم يهود، لكن القضية الحقيقية هي؛ أنه صراع سياسي قائم على احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية.

وقبل السابع من أكتوبر، عبر الغرابلي عن توجهه المعادي لإسرائيل، من خلال إنكاره المتكرر للأدلة التي تشير إلى وجود هيكل يهودي في المسجد الأقصى في القدس وترويجه الادعاءات الزائفة حول “اقتحام المستوطنين للأقصى”، فضلا عن اتهاماته ـ غير المسندة ـ لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب.

وكانت الطريقة التي وصف بها هجوم القدس، الذي وقع في عام 2023، الذي قتل فيه إرهابي فلسطيني سبعة مصلين ومشاه خارج معبد (كنيس) في نيفي يعقوب، مثيرة للقلق بشكل خاص، حيث وصفها بأنها رد فعل لا مفر منه على الاحتلال الإسرائيلي. مبررًا إياه بالحاجة الإنسانية للدفاع عن النفس، وهو رد فعل يعطيه الشرعية، والشرعية الدولية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة في المادة 51، الذي يسمح بالدفاع عن النفس للأفراد والجماعات. ورغم تصريحات الغرابلي، فإن الأشخاص السبعة، الذين قتلوا في نيفي يعقوب كانوا مدنيين، تتراوح أعمارهم بين 14 و68 عامًا وهو الأمر الذي فشلت المذيعة “حسناء مليح ” في توضيحه للمشاهدين.

ورغم أن رحيل الغرابلي عن قناة فرنسا ٢٤، يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، فإنه من المبكر الحديث عن رياح تغيير حقيقية في النهج التحريري لقناة فرانس 24 باللغة العربية حيث لا تزال “ليلى عودة“، مراسلة القناة في إسرائيل والداعمة للإرهاب، تمارس عملها بصورة دائمة للشبكة في القدس، وتقدم معظم التقارير حول إسرائيل.

كما أن النهج التحريري للقناة مثير للقلق ، حيث وصفت فرانس ٢٤ من قبل في تقرير لها من يطلقون الصواريخ على المجتمعات المدنية الإسرائيلية بعناصر “المقاومة“، ويعيد الفريق التحريري بالقناه أيضا الترويج لما يتم تداوله من نظريات مؤامرة حول زيارة اليهود للمسجد الأقصى، ويعيدون أيضا تدوير فكرة مشوهة مفادها إن جميع يهود إسرائيل “مستوطنين“، وهذا أمر غير صحيح .

وقبل يوم واحد، قدمت القناة تقريرًا عن مقهى مصري يقدم أكواب “فلسطين حرة”، رغم إنها تحمل خريطة الدولة اليهودية المعترف بها دوليًا، مستعرضة الحملة باعتبارها “فكرة مصرية لدعم قطاع غزة”.

أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع ”CAMERA.org”

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *