مقارنة صحفية بين المنشور في النسختين الإنجليزية والعربية لمقابلة أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية مع القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق

المصدر من البي بي سي

في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر، نشر موقع بي بي سي الإخباري تقريرا وضعه فراس كيلاني.

وهو مراسل هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي عربي ، وصانع محتوى للهيئة ، وحمل التقرير  عنوان “زعيم حماس يرفض الاعتراف بقتل المدنيين في إسرائيل“.

وفي المقابل نُشرت نسخة من هذا التقرير باللغة العربية من مقابلة بي بي سي التي أجريت في إحدى دول الخليج مع موسى أبو مرزوق

وحمل عنوان التقرير على موقع بي بي سي بنسخته العربية عنوان : ” موسى أبو مرزوق لبي بي سي: حماس لم تقتل مدنيين في إسرائيل

وتناولت صحيفة تلغراف هذا التباين ، وقالت في تقرير لها نشرته في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر تشرين الثاني حمل عنوان….تقرير بي بي سي في نسختها باللغة العربية يقلل من الفظائع التي ارتكبتها حركة حماس وكشفت عنه النسخة الإنجليزية لموقع بي بي سي

وعلى ضوء ذلك فإن هذين العنوانين لم يكونا المثالين الوحيدين للاختلافات بين نسختي اللغة الإنجليزية والعربية.

وقالت الصحيفة “في الوقت الذي عرض فيه كيلاني في النسخة الإنجليزية من المقابلة الأدلة التي جمعتها هيئة الإذاعة البريطانية ووسائل الإعلام الأخرى والتي تظهر أن حماس قتلت واختطفت مدنيين إسرائيليين، لم يتم ذكر ذلك إلا بالكاد (في أضيق الحدود) في النسخة العربية.

وفي أحد المقاطع، تقول النسخة الإنجليزية من التقرير إن “أحد كبار قادة حماس رفض الاعتراف بأن جماعته قتلت مدنيين في إسرائيل، مدعيًا أنه تم استهداف العسكريين فقط”.

ويمضي التقرير ليقول إن موسى أبو مرزوق قال لبي بي سي إن “النساء والأطفال والمدنيين لم يتم استهدافهم في هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر، وأضاف التقرير : “مزاعم أبو مرزوق تتناقض بصورة واضحة مع الأدلة الكثيرة التي تشير إلى أن عناصر حركة حماس هاجمت الرجال والأطفال والنساء الإسرائيليين بدون تفرقة أو تمييز”.

ويتضمن الدليل على صحة هذه المعلومة مقطع فيديو من كاميرات حملها المقاتلين في حركة حماس ، فضلا عن اعترافات لعناصر الحركة أدلوا بها للأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعرضتها شبكات الأخبار الدولية.

ورغم كل ما سبق ، فإن النسخة العربية لنفس المقطع تنص فقط على أن “أحد كبار قادة حماس أصر على أن جماعته لم تقتل مدنيين إسرائيليين، مشددًا على أنه تم استهداف العسكريين فقط”.

وفي حين أن كيلاني يشير إلى ادعاء إسرائيلي بأن “أكثر من 1400 شخص قتلوا على يد حماس في هجمات 7 أكتوبر، معظمهم من المدنيين” في النسخة العربية من التقرير المنشور في بي بي سي عربية ، إلا أنه “فشل” في الإشارة والاستدلال إلى ما يمكن وصفه بــ”ثروة الأدلة” التي تم جمعها بشكل مستقل ، والتي تشير إلى أن حركة حماس إطلقت النار على المدنيين، وهذا ما ذكر في النسخة الإنجليزية للتقرير”.

أبو مرزوق. المصدر من البي بي سي

يمكن لمؤسسة  CAMERA UK عرض مقارنة كاملة بين نسختي التقرير سواء في النسخة العربية أو النسخة الانجليزية.

جدير بالذكر أن النسخة العربية تقلل من الكم الهائل من الأدلة التي تكشف أن السكان المدنيين الإسرائيليين تم استهدافهم في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتستخدم النسخة العربية للتقرير أيضا مصطلح “العملية” لوصف ما قام به حماس في السابع من أكتوبر بدلا من مصطلح “الفظائع” لوصف الأحداث، ولم يقف التباين عند هذا الحد ، ولكن تقول النسخة العربية إلى أن أبو مرزوق “سئل” ببساطة أو “تحدث” بشكل عفوي عما جرى في السابع من أكتوبر ، فيما تقول نسخة التقرير الصادرة باللغة الانجليزية إلى أن الأسئلة كانت مباشرة وضاغطة بالنسبة له ، وبها قدر واضح من التحدي .

يتم تمييز أجزاء التقرير التي تظهر باللغة الإنجليزية فقط باللون الأزرق والأجزاء التي تظهر باللغة العربية فقط يتم تمييزها باللون الأحمر.

يتضمن كلا التقريرين (بالإنجليزية والعربية) النص التالي الذي يظهر باللون الأسود:

وكان عنوان النسخة الإنجليزية هو: زعيم حركة حماس يرفض الاعتراف بمقتل مدنيين في إسرائيل

وعنوان النسخة العربية هو : موسى أبو مرزوق لبي بي سي…حماس لم تقتل المدنيين في إسرائيل

7 نوفمبر

في تعليق على الصورة مكتوب نصا: موسى أبو مرزوق ….. الجناح العسكري لحماس “ليس مضطرا للتشاور مع القيادة السياسية”

كتب فراس الكيلاني

بي بي سي نيوز العربية

رفض أحد كبار قادة حماس الاعتراف وأصر على أن جماعته لم تقتل مدنيين في إسرائيل، مدعيا أنه تم استهداف المجندين فقط.

وقال موسى أبو مرزوق لبي بي سي إنه “تم إعفاء النساء والأطفال والمدنيين” من هجمات حماس.

وتتناقض ادعاءاته بشكل صارخ مع الأدلة الوفيرة التي تشير إلى أن رجال حماس يطلقون النار على بالغين وأطفال غير مسلحين.

يتضمن الدليل مقطع فيديو من كاميرات تابعة لحماس وشهادة مباشرة تم الإدلاء بها لشبكات الأخبار الدولية.

وتقول إسرائيل إن أكثر من 1400 شخص قتلوا على يد حركة حماس في هجمات 7 أكتوبر، وكان معظم الضحايا من المدنيين.

ووفقا لما سبق ذكره فقد أجري اللقاء مع موسى أبو مرزوق في إحدى الدول الخليجية ، ويشغل أبو مرزوق منصب عضو المكتب السياسي لحركة حماس ، وقد قررت الحكومة البريطانية عام ٢٠٠٤ تجميد أرصدته المالية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب .

ويعتبر أبو مرزوق أكبر عضو في الحركة يتحدث إلى بي بي سي منذ العملية الوحشية التي نفذتها الحركة في 7 أكتوبر ، وقد وجهت بي بي سي سؤالا لمرزوق حول الحرب على غزة، وتحديدا بشأن عشرات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين داخل القطاع ، وقد أجاب أنهم لم يتمكنوا من إطلاق سراحهم بينما كانت إسرائيل تقصف غزة بشكل مستمر.

وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة والتي تخضع لإشراف حركة حماس إن نحو 10 آلاف شخص قتلوا منذ أن بدأت إسرائيل عملياتها الحربية على غزة الشهر الماضي.  (توضيح….وصل عدد القتلى الفلسطينيين حتى السادس والعشرين من فبراير إلى قرابة ٣٠ ألف قتيل)

وقد سافر موسى أبو مرزوق مؤخرًا إلى موسكو (الزيارة حصلت في نهاية شهر أكتوبر ٢٠٢٣) من أجل مناقشة مصير ثمانية مواطنين إسرائيليين يحملون الجنسية الروسية أيضا قد اختطفوا في هجوم السابع من أكتوبر على يد حركة حماس، وتصنف حركة حماس باعتبارها منظمة إرهابية محظورة في العديد من البلدان بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وقد قال أبو مرزوق في وقت سابق إن أعضاء حركة حماس في غزة قاموا بالبحث عن رهينتين روسيتين من أصل الثمانية وعثروا عليهما بالفعل، لكنهم لم يتمكنوا من إطلاق سراحهما بسبب واقع الحرب في غزة ، وأضاف إنهم لن يتمكنوا من الناحية الواقعية من إطلاق سراح الرهائن إلا إذا “أوقف الإسرائيليون القتال حتى نتمكن من تسليمهم إلى الصليب الأحمر”.

وفي معرض اعتراضه على الاتهامات التي وجهت إلى حركة حماس فيما يتعلق بهجوم السابع من أكتوبر في حديثه ل بي بي سي، ادعى مرزوق أن محمد الضيف، قائد الجناح العسكري لكتائب القسام التابعة لحماس، أمر رجاله بتجنب استهداف المدنيين.

وأضاف قائلا : ” قال محمد الضيف بوضوح لمقاتليه: لا تقتلوا امرأة، ولا تقتلوا طفلاً، ولا تقتلوا شيخاً” ، وفي مقابل ذلك قال أبو مرزوق إن جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي “تم استهدافهم”.

وأكد أن “المجندين أو الجنود” فقط هم من قُتلوا.

لكنه قال إنه لم يتم استهداف النساء والأطفال والمدنيين باعتبارهم غير مكلفين.

ورغم تصريحاته فقد تم جمع قدر كبير من الأدلة التي توثق نطاق الأعمال الدموية التي ارتكبتها حماس في إسرائيل في هجوم يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وذهب صحفيو بي بي سي إلى مكان الهجمات في أعقابها مباشرة وشاهدوا بأعينهم جثث المدنيين الذين قتلوا.

وقالت بي بي سي إنها تحققت أيضًا من لقطات كاميرات المراقبة التي التقطت عمليات إطلاق النار من قبل حماس، وقد عرضت الحكومة الإسرائيلية لقطات تصويرية تم التقاطها من كاميرات عناصر حركة حماس على بعض من الزملاء في بي بي سي وعدد من الصحفيين الآخرين.

كما قامت مؤسسات إخبارية دولية أخرى بتجميع الأدلة على ما حدث في ذلك اليوم والتحقق منها وتأكدت مما قامت به حركة حماس ضد المدنيين.

الصورة التقتها مصور كان بصحبة عناصر حماس الإرهابية بالسابع من أكتوبر

وطعنت بي بي سي فيما ذهب إليه أبو مرزوق من مزاعم ، مستشهدة بما تم عرضه في مقاطع الفيديو التي سجلتها كاميرات أجسام مقاتلي حماس، والتي تظهر إطلاق النار على مدنيين عزل في سياراتهم ومنازلهم، لكن أبو مرزوق، شعر بالاستفزاز من بعض الأسئلة ولم يجيب بصورة مباشرة عن بعض الأسئلة ، على الرغم من أسلوبه المصقول والمدروس أثناء المقابلة.

وعندما سُئل عما إذا كان المكتب السياسي لحركة حماس كان على علم مسبق بالتحضيرات للهجوم، قال أبو مرزوق إن الجناح المسلح “ليس عليه التشاور مع القيادة السياسية بشأن هذا الأمر  ، ولا حاجة للقيام بذلك.”

وكثيراً ما يقدم الجناح السياسي، الذي يتخذ من قطر مقراً له، نفسه على أنه بعيد عن القوات العسكرية في غزة.

عموما لا ترى حكومة المملكة المتحدة أي اختلاف أو فرق بين الجناحين العسكري والسياسي للحركة ، فقد صنفت الجناح السياسي لحماس كمنظمة إرهابية في عام 2021، قائلة إن “نهج التمييز بين مختلف مكونات حركة حماس يمثل نهجا مصطنعا، وأوضحت الحكومة أن حركة حماس هي منظمة إرهابية تتمتع ببنيان تنظيمي معقد بين أفرعها ، ولكنها في النهاية حركة واحدة”.

جدير بالذكر أن موسى أبو مرزوق تم إدراجه باعتباره إرهابيا دوليا من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، وهو متهم بعدة تهم بتنسيق وتمويل أنشطة حركة حماس.

أزمة الرهائن

وجاءت وقائع المقابلة بعد أن رفضت إسرائيل طلبات التي تقدمت بها الولايات المتحدة بشأن تدشين”هدنة إنسانية” في غزة للسماح بدخول المساعدات والمساعدة في إخراج بعض الرهائن الـ 240 الذين احتجزتهم حماس في 7 أكتوبر.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريح سابق إنه يجب إطلاق سراح جميع الرهائن قبل إقرار الاتفاق على أي هدنة مؤقتة.

وزعم موسى أبو مرزوق إن حماس لا تملك قائمة بأسماء جميع المختطفين الأجانب من غير الإسرائيليين والذي وصفهم بـ “الضيوف”، كما أنه لا يعرف مكان وجود الكثير منهم، لأنهم كانوا محتجزين من قبل “فصائل مختلفة” أخرى بعيدا عن حركة حماس .

المعروف أن هناك عدة مجموعات داخل غزة، بما في ذلك حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، التي تعمل بشكل وثيق مع حماس ولكنها مستقلة ظاهريًا، وقال أبو مرزوق إن هناك حاجة إلى وقف إطلاق النار لجمع المعلومات عن المختطفين، وكانت هناك أولويات أخرى بينما كانت المنطقة تحت القصف.

وتتوقع دوائر سياسية أن يلعب أبو مرزوق دورًا رئيسيًا في كيفية تطور الصراع مع إسرائيل، ومن المرجح أن يكون محوريًا في المفاوضات بشأن الرهائن.

عموما يبدو أن فراس الكيلاني لم يتأثر بتقرير التلغراف ، وهذا ما كتبه عبر حسابه على منصة X:

“جاء أبني من غرفة نومه لي راكضا وهو مصاب بالصدمة والقلق …وسألني (أسمك في صحيفة التلغراف)!!”

للأمانة لم أفهم من الذي منحك التصريح للقيام بذلك ….

هيئة الإذاعة البريطانية قالت لك : لقد تمت الموافقة على النسختين تحريريا!

من الذي منحك الحق في نشر إسمي وصورتي؟! “

(توضيح: عندما يتحدث كيلاني دوما عبر حسابه في منصة أكس فإنه ينتهج أسلوبا ساخرا متحديا أي انتقاد ….حتى في قرارات BBC….. وحتى في خلافه مع عبد الباري عطوان وقت أن كان يكتب في صحيفة القدس العربي…هو هنا يستخدم أسلوبه الساخر لتوجيه اللوم والانتقاد لصحيفة تلغراف محاولا نقل صورة للقارئ بأنه لم يكترث بقراءة ما ورد في الصحيفة ولكن أبنه نبهه ، وعموما هيئة تحرير BBC أجازت النشر بالنسختين العربية والإنجليزية عبر الموقع).

وقد تضمن تقرير التلغراف بالفعل ردًا من هيئة الإذاعة البريطانية:

وقال متحدث باسم بي بي سي في معرض رده على ما ورد سابقا  : “تعمل بي بي سي بـ 43 لغة، وتقاريرنا ليست مجرد ترجمات لبعضها البعض ولكنها غالبًا ما تختلف بناءً على عوامل سياقية مثل القاعدة المعرفية لكل جمهور، والقصص أو المقابلات الأخرى التي نشرناها على الموضوع…..والمقالات التي يتم الحديث عنها في هذا الموضوع (المقصود هنا حوار موسى أبو مرزوق) والمنشورة قبل ثلاثة أسابيع، خضعت لأشراف وتدقيق تحريري صارم.”

وبعبارة أخرى، يبدو أن هيئة الإذاعة البريطانية تخبر الآن جمهورها الممول بأنها تصمم صحافتها وفقًا لطبيعة الجمهور المستهدف أو القارئ للتقرير .

قد يقول البعض بالطبع إن إبلاغ الجماهير في الشرق الأوسط الناطق باللغة العربية بوجود أدلة وفيرة على قيام رجال حماس بإطلاق النار على بالغين وأطفال عزل ، فضلا عن عرض أسلوب مواجهة إنكار المنظمة الإرهابية (حماس) الواهي لاستهداف المدنيين ، لا يمثل هدفا لهيئة الإذاعة البريطانية للمساهمة في تحقيق معدل جيد لنشر المحتوى العربي للهيئة بين المتلقين العرب .

ولكن في النهاية ينبغي أن يكون للمصداقية ولهذا الأمر بالتحديد (المقصود هنا عرض الحقيقة المجردة) أولوية بالنسبة لعمل هيئة الإذاعة البريطانية في المملكة المتحدة الملزمة بتوفير “تغطية إخبارية عالية الجودة للجمهور الدولي أيا كان ،استنادا إلى القيم البريطانية المتمثلة في الدقة والحياد والإنصاف”.

أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع “CAMERA UK” التابع لمؤسسة “كاميرا”.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *