حينما زعمت “CBC” كذباً هدم “قرية” فلسطينية

بعد هدم خربة حمصة في 3 نوفمبر/تشرين ثان (صورة من تقرير الأمم المتحدة)

مستشهدة بالأمم المتحدة، حيث زعمت “CBS” الأسبوع الماضي كذبًا في وقت سابق إن إسرائيل هدمت “قرية” فلسطينية بالكامل. “الأمم المتحدة تقول إن هدم إسرائيل غير القانوني لقرية فلسطينية يترك 41 طفلًا بلا مأوى” كان ذلك عنوان مقال للصحفية”باميلا فالك” (المشوّه للغاية) والمنشور في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني.

يبدأ مقال فالك، وهو أحد أكثر المواد الإعلامية عيبًا، بتقديم تغطية لعملية الهدم التي كانت موضوع تقرير نشر في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، والذي أصدرته منظمة “بتسيلم غير الحكومية الإسرائيلية”. “مع تركيز أنظار العالم على الانتخابات الأمريكية، هدمت إسرائيل مجتمعًا فلسطينيًا بالكامل في وادي الأردن” على النحو التالي:

وقد قالت الأمم المتحدة؛ إن القوات الإسرائيلية أرسلت مركبات هدم الأسبوع الماضي لهدم قرية فلسطينية، مما أدى إلى تشريد نحو 70 مدنيًا، بما في ذلك 41 طفلًا. وكان ذلك جزءًا من أكبر عملية تهجير قسري نفذتها الحكومة الإسرائيلية منذ سنوات، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية.

وتابعت “فالك”، وهي محللة الشئون الخارجية في شبكة سي بي إس، وتعمل من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وهي عضو هيئة التدريس في قسم العلوم السياسية في كلية هانتر:

بعد هدم خربة حمصة في 3 نوفمبر/تشرين ثان (صورة من تقرير الأمم المتحدة)

تقول “إيفون هيل”، منسقة الشئون الإنسانية في وكالة الأمم المتحدة، إن الوكالات الإنسانية زارت المجتمع وسجلت 76 مبنى مهدمًا، وهو عدد أكبر من أي هدم آخر في العقد الماضي، مضيفة أن الممتلكات المدمرة شملت منازل وحمامات ومجموعات ألواح شمسية كانت ضرورية للمجتمع.

لم تذكر “فالك” في أي مكان لأنه، وفقًا لمكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي السلطة الإسرائيلية المسئولة عن إنفاذ لوائح البناء في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاقيات أوسلو، فإن الهدم شمل 15 مبنى – سبع خيام وثماني حظائر – على عكس 76 مبنى ذكرتها الأمم المتحدة، وعلى عكس شبكة سي بي إس، فقد أشارت وسائل إعلام أخرى بما في ذلك، رويترز وسي إن إن، إلى معلومات الإدارة المدنية التي تفيد بهدم سبع خيام وثماني حظائر فقط.

وعلاوة على ذلك، تسيء “فالك” بشكل صارخ إلى وضع أرض المنطقة (ج) حيث تقع خربة حمصة، حيث المخيم البدوي المعنيّ، قائلًة: “كانت قرية البدو ورعاة الأغنام واحدة من عدة قرى في الأراضي الفلسطينية تم بناؤها داخل مناطق تدريب مخصصة للجيش الإسرائيلي، حيث نادرًا ما يتم إصدار تصاريح البناء”.

ولكن، كما تم تصحيحه من العديد من وسائل الإعلام في الماضي، فمن الخطأ تسمية المنطقة (ج) بـ “الأراضي الفلسطينية”، وذلك لأن الحكومة الفلسطينية لا تملك أي سلطة مدنية أو أمنية في هذا الجزء من الضفة الغربية، ومن بين وسائل الإعلام التي قامت هذا العام بتصحيح الإشارات الخاطئة إلى المنطقة (ج) باعتبارها “أراضي فلسطينية” صحيفة وول ستريت جورنال، وصحيفة نيويورك تايمز، وصوت أمريكا، ووكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ.).

إن البناء في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، المنطقة (أ) يعني (السيطرة الأمنية والمدنية الفلسطينية الكاملة)، والمنطقة (ب) (السيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية)، لا يتطلب تصاريح بناء إسرائيلية.

ومن قم فإن ادعاء الأمم المتحدة ومنظمة بتسيلم، الذي كررته شبكة سي بي إس دون أي تدقيق، بأن 70 بدويًا أصبحوا “بلا مأوى” بسبب هذا القانون، يتجاهل حقيقة أن بدو خربة حمصة، الذين كانوا يعيشون في خيام قبل الهدم، انتقلوا على الفور إلى خيام جديدة بعد الهدم، وكما ذكرت وكالة رويترز في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، وهو نفس اليوم الذي نشرت فيه شبكة سي بي إس تقريرها: “بحلول صباح يوم الخميس، كان السكان قد عادوا بالفعل إلى الموقع، مستخدمين خيامًا تبرعت بها مجموعات إغاثة فلسطينية، وفقًا لشاهد عيان من رويترز(.

خربة حمصة, 2019

إن الادعاء بأن مخيم خربة حمصة، وهو عبارة عن مجموعة من الخيام والحظائر الممولة من أوروبا على أرض تستخدم كأرض تدريب عسكرية إسرائيلية منذ عام 1972، يشكل “قرية”، هو ادعاء زائف، في كل الأحوال.

 إن صورة جوية للموقع عام 2019 قدمتها منظمة ريجافيم، وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية، تعارض البناء البدوي غير القانوني، تلقي بظلال من الشك على هذا الوصف، حيث تُظهر الصورة الملتقطة عام 2019 (على اليسار) أرضًا قاحلة إلى حد كبير، مع مجموعتين صغيرتين من المباني، تم بناؤها بتمويل من دول الاتحاد الأوروبي.

كما تُظهر لقطات من مقطع فيديو لبتسيلم عام 2016، عن خربة حمصة، عددًا قليلًا للغاية من المباني، وهو ما لا يكفي بالكاد للإشارة إلى “قرية”، حتى تقرير الأمم المتحدة يمتنع عن الإشارة إلى خربة حمصة باعتبارها “قرية” (“الضفة الغربية تشهد أكبر عملية هدم منذ سنوات”)، كما لا تزعم الأمم المتحدة، على عكس تقرير “فالك”، أن المجتمع بأكمله قد هُدم.

 إن منظمة بتسيلم، التي لها تاريخ من التقارير الكاذبة الموجهة إلى أجندات معينة، تزعم هدم “مجتمع فلسطيني بأكمله”، كما تتبنى وكالة فرانس برس مصطلح “القرية”، فتزعم: “الجيش الإسرائيلي يدمر قرية فلسطينية في وادي الأردن“.

ويمنح تقرير “فالك” إسرائيل جملة واحدة فقط للرد على الاتهامات بشأن خربة حمصة، فتقول:

قالت الوحدة العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية؛ إن المباني المدمرة “بنيت بشكل غير قانوني في منطقة إطلاق نار في وادي الأردن”.

ولكن فالك، مثل غيرها من الصحفيات الأخريات، اعتبرت هذه المعلومات مجرد ادعاء عسكري إسرائيلي، وتتجاهل “فالك”، إلى جانب عدد لا يحصى من الزملاء في وسائل الإعلام الأخرى، حقيقة مفادها؛ أن المحكمة العليا الإسرائيلية قضت مرارًا وتكرارًا بأن البدو ليست لديهم أي مطالبات بملكية تلك الأرض التي احتلوها خلال العقد الماضي، التي كانت بمثابة منطقة إطلاق نار منذ سبعينيات القرن العشرين.

وقد خلص حكم أصدرته المحكمة العليا عام 2019 (الذي قامت مؤسسة كاميرا بترجمته) إلى ما يلي:

“لقد تم إعلان الأرض المعنية منطقة إطلاق نار بالفعل في عام 1972، وعلاوة على ذلك، لا يوجد خلاف على أن المستأنفين لا يتمتعون بحقوق ملكية معترف بها في هذه المناطق، في الأساس، تتعلق القضية بمستوطنين يستخدمون الأرض لأغراض الرعي، ومن غير المتنازع عليه أن جيش الدفاع الإسرائيلي يجري تدريبات على هذه الأراضي من وقت لآخر، ونتيجة لذلك، يُطلب من المستأنفين، جنبًا إلى جنب مع السكان، إخلاء المنطقة ليس فقط لأسباب أمنية، لكن أيضًا من أجل سلامتهم الشخصية، علاوة على ذلك، فإن البناء في المنطقة غير مصرح به وغير قانوني”.

والواقع؛ أن استخدام الموقع بانتظام للتدريب العسكري، وطُلب من السكان إخلاء المنطقة مؤقتًا أثناء هذه التدريبات، يتفق مع سلسلة من منشورات “بتسيلم” التي توثق الإخلاء المؤقت (الذي يستمر لعدة ساعات في كل مرة) للسكان على مدى السنوات الأخيرة، وترفض تحديثات “بتسيلم” هذه التدريبات العسكرية باعتبارها “مزعومة” أو “ذريعة” للإخلاء.

وقد ذكر تقرير الإذاعة الوطنية العامة عن عمليات الهدم؛ أن المقيم ياسر “أبو الكباش، قال إن المنطقة تُستخدم للزراعة ونادرًا ما تستخدمها إسرائيل للتدريبات العسكرية”، وهو ادعاء لا يصمد أمام نتائج المحكمة ولا أمام سجلات بتسيلم التي تشير إلى الاستخدام العسكري المستمر.

وقد أشار حكم للمحكمة العليا عام 2011، إلى صور جوية قالت المحكمة إنها أظهرت أن المباني في الموقع تشير إلى مساكن مؤقتة موسمية وليست منازل دائمة.

خربة حمصة, 2008

في صورة جوية (على اليسار، من ريجافيم) قبل ثلاث سنوات فقط من ذلك الحكم، لا يمكن رؤية حتى تلك المباني التي يبدو أنها تعمل بدوام جزئي، حيث تشير الأدلة الفوتوغرافية، جنبًا إلى جنب مع نتائج المحكمة، إلى أن الراعي ياسر أبو الكباش، البالغ من العمر 48 عامًا، الذي أجرى معه “إسترين” مقابلة في مقال “NPR”، لا يمكن أن يكون صادقًا عندما “قال إنه عاش هناك طوال حياته”.

إن تصوير قناة سي بي إس الكاذب لهدم إسرائيل لعدد قليل من الخيام والحظائر غير القانونية، التي بُنيت بشكل خطير في منطقة إطلاق نار عسكرية قائمة منذ فترة طويلة، على أنها تدمير قرية فلسطينية بأكملها هو خطوة صغيرة بعيدًا عن الاتهام اللاذع الذي وجهته عضو الكونجرس “إلهان عمر” بارتكاب جريمة لا تقل عن “التطهير العرقي”.

شاهد أيضًا، “تقارير بي بي سي، حول  التمويل الأجنبي للمنشآت غير القانونية في المنطقة “ج”، وقصة الغارديان عن البدو التي تحذف معلومات حتى الجزيرة متضمنة”

تحديث 11 نوفمبر/ تشرين ثان: سي بي إس تعدل المقال وتقدم خطأ جديدًا

قامت سي بي إس اليوم بتحديث المقال بإدانة دولية إضافية جديدة، كما أدخلت تغييرات متواضعة استجابة للمخاوف المفصلة هنا. كان التغيير الأكثر أهمية هو الاعتراف بأن خربة حمصة تقع في المنطقة ج، التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وكما هو مذكور أعلاه، ذكر المقال في الأصل خطًا أن المخيم يقع “في الأراضي الفلسطينية”، النص المضاف اليوم هو كما يلي:

تقع المستوطنة داخل “المنطقة ج”، وهي المنطقة المخصصة بموجب اتفاقيات السلام الدولية المعروفة باسم اتفاقيات أوسلو، وهي اتفاقية تاريخية عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، أسست الاتفاقية الإطار للحكم الذاتي المؤقت للفلسطينيين، والاعتراف المتبادل بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وقد تبع ذلك اتفاق أوسلو الثاني، الذي نص في عام 1995، على انسحاب إسرائيل من مدن وبلدات معينة في الضفة الغربية.

وقد قسم اتفاق أوسلو الثاني الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: أ، ب، ج. وباختصار، كان من المقرر أن تكون المنطقة أ تحت سيطرة السلطة الفلسطينية؛ وكانت المنطقة ب تحت سيطرة أمنية إسرائيلية فلسطينية مشتركة، مع إدارة مدنية من قبل الفلسطينيين؛ وكانت المنطقة ج تحت السيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية الكاملة. وفي عام 1998، وافقت إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية على مذكرة “واي ريفر”، التي وافقت فيها إسرائيل على الانسحاب من أجزاء من المنطقة ج كجزء من اتفاقات أوسلو. وبالتالي، أسست اتفاقات أوسلو لمفهوم نقل المنطقة ج في الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية.

ولكن، كما كتب ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، أخيرًا، فإن “اتفاقيات أوسلو لم تطبق بالكامل، فقد اغتيل رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحاق رابين رابين، وفشلت المحاولات اللاحقة للتفاوض على السلام، وتوفي عرفات، ولم تتحقق الدولة الفلسطينية”، لكن التقسيم التقريبي لـ”المناطق” لا يزال قائمًا.

إن المنازل التي هدمت في خربة حمصة كانت تقع ضمن منطقة تنظر إليها الدول المختلفة بشكل مختلف، وإن كان قِلة من الناس يجادلون في أن “المنطقة ج”، ووادي الأردن داخلها، تقع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، كما هو منصوص عليه في اتفاقيات أوسلو الثانية لعام 1995. (التأكيد مضاف).

إن التأكيد على أن اتفاقيات أوسلو “أرست المفاهيم التي مفادها؛ أن المنطقة ج في الضفة الغربية سوف تنتقل إلى السلطة الفلسطينية”، هو خطأ جوهري في الحقائق، فقد نصت مذكرة واي ريفر على نقل 13% فقط من المنطقة ج إلى السلطة الفلسطينية (1% إلى المنطقة أ و12% إلى المنطقة ب، الفقرة 1).

وقد قامت سي بي إس بتعديل تعريف موقع خربة حمصة من “الأراضي الفلسطينية” إلى “ما تعتبره الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أرضًا فلسطينية”. وليس من الواضح على أي أساس قررت سي بي إس، أن الأمم المتحدة تعتبر المنطقة ج “أرضًا فلسطينية”.

وتشير المادة المعدلة الآن إلى أنه؛ وفقًا لمكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي السلطة الإسرائيلية المسئولة عن إنفاذ قوانين البناء في المنطقة ج، فإن الهدم شمل سبع خيام وثماني حظائر، كما عدلت سي بي إس وصفها الخاطئ للمخيم من “قرية” إلى “قرية صغيرة”، وهو تغيير لا يذكر.

ولا تزال المادة المعدلة تفشل في توضيح أنه؛ وفقًا لتقرير الأمم المتحدة الذي اعتمدت عليه فالك بشكل كبير، فإن المخيم بأكمله لم يُهدم، على عكس ما ورد في تقريرها، والأمر الأكثر أهمية، على الرغم من أن التقرير المحدّث أضاف الادعاء غير المبرر الذي أطلقه ممثل الاتحاد الأوروبي، سفين كون فون بورغسدورف، بأن الهدم “يتعارض مع القانون الدولي”، مكررًا آراء آخرين تم الاستشهاد بهم بالفعل في المقال، فإن “فالك” لا تزال تهمل تضمين المعلومات الرئيسية التي قضت بها المحكمة العليا الإسرائيلية مرارًا وتكرارًا، بأن السكان ليست لديهم حقوق ملكية في الموقع الذي تم استخدامه كمنطقة إطلاق نار منذ عام 1972، وأن إقامتهم الدائمة الحديثة نسبيًا في خربة حمصة تشكل خطرًا عليهم.

تحديث 16 نوفمبر/تشرين الثاني: شبكة “CBS” تصحح الخطأ بشأن نقل المنطقة “C” بموجب اتفاقيات أوسلو

في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر صححت شبكة سي بي إس بعد ذلك، بشكل جدير بالثناء، التأكيد الكاذب بأن اتفاقيات أوسلو “أرست مفاهيم مفادها؛ أن المنطقة C في الضفة الغربية سيتم نقلها إلى الولاية القضائية الفلسطينية”، وينص النص المعدل الآن بدقة على ما يلي: “وهكذا أرست اتفاقيات أوسلو مفهوم نقل أجزاء من المنطقة C في الضفة الغربية إلى الولاية القضائية الفلسطينية”، (تمت إضافة التأكيد).

بقلم: تامار ستيرنثال

انظر التقرير الصادر أصلًا بهذا الخصوص على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *