فيلم وثائقي جديد لهيئة الإذاعة البريطانية عن غزة يكرر أخطاء ترجمة سابقة

هدار سيلع

في مساء 17 فبراير/ شباط الماضي بثّت قناة BBC Two  فيلمًا وثائقيًا وُصف بأنه “وثائقي درامي” بعنوان “غزة: كيف تنجو من منطقة حرب“. يتضمن ملخص البرنامج ما يلي:

“إسرائيل لا تسمح للصحفيين الأجانب بالتغطية المستقلة في غزة. ومن أجل إنتاج هذا الفيلم، قام منتجان مقيمان في لندن بإخراج عمل بالتعاون مع اثنين من المصورين داخل غزة ، عن بُعد، وتواصل العمل على مدار تسعة أشهر، وقد أتاح لهم ذلك الوصول إلى مواقع رئيسية لا يمكن للصحافة الأجنبية الوصول إليها.

وقدم الصحفي البريطاني ديفيد كولير مزيدًا من المعلومات حول المنتجين والمصورين الذين شاركوا في صناعة هذا الفيلم، بالإضافة إلى بعض الشخصيات البارزة التي ظهرت فيه، ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة Jewish News: قال الآتي:

“تواجه هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) اتهامات بعدم الإفصاح عن أن المراهق الذي ظهر بوصفه راويًا رئيسيًا في الفيلم المؤثر حول تأثير الحرب الإسرائيلية على غزة، هو ابن وزير بارز في حركة حماس.

كما تُتهم المؤسسة الإعلامية أيضًا بغض الطرف عن المواقف المتشددة المعادية لإسرائيل لأولئك الذين قاموا بإنتاج الفيلم الوثائقي “غزة: كيف تنجو من منطقة حرب”، الذي تم بثه على قناة BBC2  مساء الاثنين.

بعد يومين من بث الفيلم لأول مرة، أصدرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)  توضيحًا.

ترجمه البيان السابق الصادر عن BBC:

تصحيحات وتوضيحات
ردود هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) على القضايا التحريرية والفنية والإدارية

غزة: كيف تنجو في منطقة حرب، BBC2/iPlayer
17/19 فبراير 2025

منذ بث فيلمنا الوثائقي عن غزة، أصبحت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) على علم بصلات عائلية لم يتم الكشف عنها سابقًا تخص راوي الفيلم، وهو طفل يُدعى عبد الله.

لقد وعدنا جمهورنا بأعلى معايير الشفافية، ولذلك، ومن منطلق التزامنا بهذا المبدأ، نرى أنه من الصواب إضافة بعض التفاصيل إلى الفيلم قبل إعادة بثه. وفي هذا الصدد نعتذر عن إغفال هذا التفصيل في النسخة الأصلية. عموما النص الجديد يوضح:

“راوي هذا الفيلم هو عبد الله، البالغ من العمر 13 عامًا. والده شغل منصب نائب وزير الزراعة في الحكومة التي تديرها حماس في غزة. كان لفريق الإنتاج سيطرة تحريرية كاملة على عملية التصوير مع عبد الله.”

لقد اتبعنا جميع إجراءات الامتثال المعتادة أثناء إنتاج هذا الفيلم، لكن لم يتم إبلاغنا بهذه المعلومات من قبل المنتجين المستقلين عند إعداد الفيلم وبثه.

يظل الفيلم شهادة قوية من منظور طفل على العواقب المدمرة للحرب في غزة، ونعتقد أنه يمثل شهادة لا تقدر بثمن على هذه التجربة، كما أننا ملتزمون بالشفافية في عملنا.

قبل البث الأول للفيلم – ورغم توفره فقط للمشاهدين في المملكة المتحدة – تم الترويج لهذا الوثائقي عبر راديو خدمة BBC العالمية، وعلى موقع  BBC Newsمن خلال تقارير مكتوبة ومصورة، منها:

زكريا، البالغ من العمر 11 عامًا، يساعد في أحد أكبر مستشفيات غزة – مستشفى الأقصى – تحت إشراف مسعف متمرس، وسط أجواء الحرب التي اجتاحت القطاع، كان يمكن العثور عليه وهو يحمل الجرحى والمصابين إلى قسم الطوارئ لتلقي العلاج، ويمسح الدم عن يديه أثناء قيامه بواجباته، يقول إنه رأى آلاف الجثث.

زكريا، هو أحد ثلاثة أطفال يركز عليهم الفيلم الوثائقي الجديد لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بعنوان “غزة: كيف تنجو من منطقة حرب”. من بين الأطفال الآخرين الذين ظهروا في الفيلم، ريناد (10 سنوات)، التي تقدم برنامج طبخ خاصًا بها على وسائل التواصل الاجتماعي، وعبد اللـه (13 عامًا)، الذي يقود المشاهدين في جولة داخل “المنطقة الإنسانية” أثناء تقديمه التعليق الصوتي للبرنامج.

تم إخراج الفيلم الوثائقي من المملكة المتحدة بواسطة، جيمي روبرتس، ويوسف حماش، بالتعاون مع المصوّرين الغزيّين أمجد الفيومي وإبراهيم أبو إشعيب.

إحدى اللقطات في التقرير المصور كانت لافتة للنظر بشكل خاص نظرًا لمحتوى سابق لهيئة الـ BBC. فبحسب الترجمة النصية، يقول زكريا البالغ من العمر 11 عامًا لفريق BBC:

“غادرنا منزلنا بسبب القصف والقنابل، كنا سعداء، لكن الإسرائيليين دمروا كل شيء، وكذلك فعلت حماس.”

لكن في الواقع، لم يقل زكريا كلمة “الإسرائيليين”، بل استخدم مصطلح “اليهود”.

قد يتذكر القرّاء القدامى أن هذه ليست المرة الأولى التي تختار فيها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) تحريف ترجمة مصطلح “اليهود” عند الإبلاغ عن الأطفال في قطاع غزة.

في يوليو 2015 أفادت صحيفة “جويش كرونيكل” (The Jewish Chronicle) بما يلي:

“اعترف منتجو أحد الأفلام الوثائقية لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بأنهم استبدلوا كلمة “الإسرائيليين” بمصطلح “اليهود” في ترجمة المقابلات مع الفلسطينيين.”

وقد دافعت، ليس دوسيت، عن قرار ترجمة كلمة “يهود” إلى “إسرائيليين” في الترجمة النصية لوثائقيها “أطفال حرب غزة”، الذي تم بثه على قناة BBC Two تلك الليلة.

الترجمة الصحيحة لمصطلح “يهود” من العربية إلى الإنجليزية هي “Jew”، أي “يهود”.

وقالت كبيرة المراسلين الدوليين فيBBC : إن مترجمين غزيّين نصحوها بأن الأطفال الفلسطينيين الذين استخدموا مصطلح “اليهود” كانوا في الواقع يقصدون الإسرائيليين.

في إحدى الحالات، قال طفل غزيّ: إن “اليهود” يذبحون الفلسطينيين، لكن الترجمة ظهرت على الشاشة على النحو التالي: “إسرائيل تذبحنا”.

كما تمت الإشارة إليه في ذلك الوقت، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تُسيء فيها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ترجمة الكلمة العربية “اليهود”.

في فبراير/ شباط 2013، ظهرت المشكلة نفسها في سلسلة من التقارير متعددة المنصات التي أعدّها جون دونيسون، مراسل BBC في غزة آنذاك:

“تم عرض نسخة أخرى من القصة نفسها في برنامج ‘PM’ على راديو 4 بتاريخ 26 فبراير/شباط، في تلك النسخة، عند الدقيقة 43:37، يمكن سماع المترجم وهو يفسر كلمات، نور عدوان، على أنها: “إذا قابلنا إسرائيليًا وكان يتحدث بالعبرية، لكن المستمعين ذوي الأذن الحادة سيلاحظون أن الفتاة البالغة من العمر 15 عامًا قالت بالفعل كلمة “يهود” – أي يهود – بالعربية، وليس “إسرائيلي”، لكن لسبب ما، اختارت BBC تعديل ذلك في الترجمة.”

بعد تقديم شكوى بشأن هذا الخطأ في الترجمة، أصدرت لجنة معايير التحرير في BBC في ذلك الوقت قرارًا تضمن ما يلي:

“تتعلق الشكوى بترجمة الكلمة العربية “اليهود” في تقرير عن تعليم اللغة العبرية في المدارس التي تديرها حماس في غزة، قال المشتكي إن المصطلح يُترجم حرفيًا إلى الإنجليزية على أنه ‘Jews’ (اليهود) وأنه كان من غير الدقيق أن يُترجم البرنامج ذلك على أنه “إسرائيلي” في الصوت الإنجليزي. وزعم المشتكي أن هذه كانت ترجمة خاطئة ومضللة ماديًا.

خلصت اللجنة إلى:

  • أنه ليس من الضروري أن تكون الترجمة الحرفية وحدها كافية لتحقيق الدقة المتوقعة من الجمهور.
  • وأن المبادئ التوجيهية التحريرية لا تتطلب من منتجي المحتوى إجراء ترجمات حرفية للكلمات، دون مراعاة السياق ذي الصلة.

BBC TRUST ESC  : لا يوجد التزام بالترجمة الدقيقة

بعبارة أخرى، منذ أكثر من عقد، منحت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) نفسها الحرية المطلقة في التلاعب باللغة التي تكشف عن عملية تلقين الأطفال في قطاع غزة.

هذه العملية لا تنتج فقط مسعفين محتملين وطهاة على تيك توك، كما تم تسليط الضوء عليهم في هذا الوثائقي، لكنها أيضًا تسهم في تشكيل الجيل القادم من الإرهابيين الملتزمين بقتل “اليهود” – وهو جانب يبدو أن BBC تُبدي اهتمامًا أقل بكثير بتغطيته.

ملحوظة:

BBC TRUST ESC هو اختصار ل-BBC Trust Editorial Standards Committee، وهي لجنة تتبع لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) وتختص بمعايير التحرير والمحتوى الإعلامي، تتولى هذه اللجنة مراجعة الشكاوى المتعلقة بالمحتوى المقدم من BBC وتعمل على ضمان التزام هذه الوسيلة الإعلامية بمعايير التحرير الدقيقة والحيادية.

للاطلاع على أصل التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع مؤسسة “كاميرا UK” بالإنجليزية انقر هنا.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *