الأمم المتحدة تُصنف أي مقاتل فلسطيني باعتباره مدنياً عادياً

وفقاً للأمم المتحدة فإن الصور المعروضة هي لمدنيين:

أحمد أبو عبيد
صقر عابد
سيد عزت جابر

وهذه فرضية غريبة، لأن كُلاً من أحمد أبو عبيد وصقر عابد كان مسلحاً في حركة الجهاد الإسلامي، وقد قُتلا في يونيو/حزيران 2024 خلال ما وصفتها واعترفت بها الجماعة الإرهابية بأنها “معركة شرسة” مع الجنود الإسرائيليين. أما سعيد عزات جابر، الذي قُتل في الشهر نفسه، فكان قائداً بارزاً في الجهاد الإسلامي.

إذا نظرنا إلى الشهر بأكمله، فسنرى بوضوح أن هؤلاء ليسوا الحالات الوحيدة التي أُسيء تصنيفها من قبل الأمم المتحدة. في الواقع، يُصر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، وهو الجهة الأساسية التي تحصي وتُصنّف الضحايا الفلسطينيين، على أن كل فلسطيني قُتل في الضفة الغربية على يد إسرائيل في يونيو/حزيران (المقصود هنا يونيو/حزيران 2024) كان مواطنا مدنياً.

السؤال هنا… هل قائد حماس مدني؟

هل مسلحو كتائب شهداء الأقصى مدنيون؟

هل عناصر الجهاد الإسلامي مدنيون؟

هل مقاتلي (مهاجمو) حماس مدنيون؟

خلال ذلك الشهر، أدرجت (OCHA) 34 حالة وفاة في الضفة الغربية، وصنفتهم جميعاً على أنهم مدنيون. منظمة “بتسيلم” تتفق مع هذا العدد، لكنها في تفاصيل كل حالة وفاة توضح أن الغالبية العظمى كانوا مقاتلين.

وفقًا لبوابة الضحايا التابعة للأمم المتحدة، فإن جميع القتلى الـ34 في الضفة الغربية كانوا “مدنيين”.

ويظل هذا التضليل الشامل قائماً عند النظر إلى الصورة بشكل أوسع. في الواقع، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن كل حالة وفاة مرتبطة بالنزاع في الضفة الغربية منذ يناير/كانون الثاني 2008 (أقدم تاريخ متاح للبحث في بوابة الضحايا) كانت لمدني.

تصنّف بوابة ضحايا الأمم المتحدة جميع الوفيات البالغ عددها 1,897 في الضفة الغربية منذ عام 2008 على أنها “مدنيون”.

وقد تفاوت نطاق هذا التضليل إلى حد ما خلال الأسابيع القليلة الماضية. عندما تحققنا لأول مرة من البوابة في 6 مارس/آذار، بعد أن استشهدت صحيفة “نيويورك تايمز” بأرقام الضحايا الصادرة عن الأمم المتحدة، لم يعترف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بأي حالة وفاة كعضو في “جماعة مسلحة”، وأصر على أن كل حالة وفاة قبل يونيو/حزيران 2024 كانت لمدني. ومع ذلك، فقد كان يسمح على الأقل بإمكانية أن بعض الضحايا بعد يونيو/حزيران 2024 لم يكونوا مدنيين، حيث تم تصنيف عدة مئات من الضحايا تحت فئة “نزاع”. لكن في وقت ما بين ذلك الحين والآن، أصبحت حتى هذه الوفيات “المتنازع عليها” مصنفة على أنها “مدنيون”.

قد يقول قائل إن خللاً تقنياً أدى إلى حذف تصنيف المقاتلين. لكن مثل هذا التفسير قد لا يكون مبرراً. فحتى بعيداً عن بوابة OCHA، سعت الأمم المتحدة إلى التعتيم على العدد الكبير من المسلحين بين الضحايا الفلسطينيين. على سبيل المثال، في بيان صدر في 4 يونيو/حزيران 2024، أشار المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك والمتحدث باسمه جيريمي لورانس إلى مقتل 505 فلسطينيين في الضفة الغربية منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووجهوا انتقادات لإسرائيل على ما وصفوه بـ”القتل غير المقبول” و”العشوائي”، دون الإشارة بأي شكل إلى أن بعض الضحايا كانوا أعضاء في جماعات إرهابية أو مشاركين في أعمال تتجاوز رشق الحجارة والزجاجات الحارقة والمفرقعات النارية.

قام مسؤولو الأمم المتحدة بتبييض الواقع، الذي تضمن معارك عنيفة. ففي الشهر الذي سبق بيانهم، قُتل 28 فلسطينياً (وفقاً لمنظمة بتسيلم) أو 29 (وفقاً لـ OCHA – رغم أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) لم يدلي بأي إيضاحات إضافية (تفاصيل تتعلق بالموضوع)، فإن الضحية الإضافية التي تم الإبلاغ عنها قد تكون وفاء جرار، المعروفة باسم (أم حذيفة)، والتي أصيبت عندما انفجر جهاز متفجر محلي الصنع تحت المركبة العسكرية الإسرائيلية التي كانت محتجزة فيها، وتوفيت لاحقًا متأثرة بجراحها). في الضفة الغربية، ومن بينهم:

  • ثلاثة عناصر من حماس،
  • مسلح واحد من الجهاد الإسلامي،
  • مسلح من جماعة عرين الأسود، قُتلوا جميعاً خلال تبادل لإطلاق النار،
  • قيادي بارز في الجهاد الإسلامي،
  • ثلاثة فلسطينيين قتلوا أثناء محاولتهم تنفيذ عمليات طعن ضد قوات الأمن الإسرائيلية،
  • ما لا يقل عن أربعة قتلوا أثناء إلقائهم عبوات ناسفة،
  • رجل مسلح واحد.

وقد شكل هؤلاء أكثر من نصف عدد القتلى في ذلك الشهر.

بالإضافة إلى ذلك:

  • قتل شخص أثناء إلقائه الحجارة،
  • شخص آخر قتل أثناء إلقائه حجارة أو عبوات ناسفة،
  • وبحسب إسرائيل، فإن ثلاثة آخرين كانوا يزرعون عبوات ناسفة (كما أن حركة الجهاد الإسلامي وصفت الثلاثة بأنهم مقاتلون جهاديون غير مرتبطين تم قتلهم أثناء قيامهم بـ“الدفاع عن أرضهم”).

(المصدر: منظمة بتسيلم)

أما في الشهر السابق، أبريل/نيسان 2024، فقد قُتل 26 فلسطينياً (وفقاً لبتسيلم) أو 29 (وفقاً لـ OCHA)، ومن بينهم:

  • قيادي بارز في حماس،
  • 11 مسلحاً من الجهاد الإسلامي قتلوا في تبادل لإطلاق النار،
  • مسلحان آخران،
  • ثلاثة فلسطينيين حاولوا تنفيذ عمليات طعن ضد قوات الأمن الإسرائيلية،
  • شخصان قتلا أثناء إلقائهما عبوات ناسفة،
  • شخص ربما قُتل عن طريق الخطأ على يد مسلحين من الجهاد الإسلامي.

وقد شكل هؤلاء حوالي 75% من عدد القتلى في ذلك الشهر.

نظراً لمدى تكرار الاستشهاد بأرقام الضحايا الصادرة عن الأمم المتحدة في وسائل الإعلام، فإن التصنيف الخاطئ الواسع للضحايا من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) قد يؤدي إلى عواقب بعيدة المدى. فمن خلال تصنيف المسلحين كـ”مدنيين”، يروج OCHA لرواية مضللة تخفي حقيقة الاشتباكات المسلحة مع الجماعات الإرهابية، وتصور إسرائيل على أنها تنخرط في عنف عشوائي ضد المدنيين.

وبالنظر إلى تصريحات فولكر تورك حول العنف، قد يتساءل البعض عما إذا كان هذا الانطباع الخاطئ هو بالضبط ما يريده مسؤولو الأمم المتحدة.

لقد أبلغنا OCHA بأخطائها واستفسرنا عن مصدرها ومدتها الزمنية. سنقوم بتحديث هذا المقال بأي ردود قد نحصل عليها.

بقلم: جلعاد عيني

انظر إلى النسخة الأصلية من التقرير على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *