هل تمتدّ أرض إسرائيل من الفرات إلى النيل؟

تحتوي الأدبيات السياسية العربية على الكثير من الأساطير التي تعمل على تصوير اسرائيل بشكل مختلف عن الواقع. ولعل أهم هذه الأساطير هي مقولة “أرض إسرائيل من الفرات إلى النيل” التي تدّعي أن إسرائيل تسعى بشكل دائم للتمدد والسيطرة على مجموعة من البلدان العربية. على الرغم من انتشار هذه الأسطورة في الأوساط العربية، إلا أنها في الحقيقة لا تجد أي تعبير لها ضمن برامج أي من الأحزاب على امتداد الطيف السياسي الإسرائيلي.

في الثاني والعشرين من شهر أيار مايو 2017، نشر موقع “هافينغتون بوست العربي” مقالاً ادّعى بأن المجتمع الإسرائيلي منقسم بين” أولئك الذين يؤمنون بإعادة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بعد 1967” وبين ”اليمين المتطرف الذي يرى إسرائيل ممتدة من الفرات إلى النيل”.

إلا أن “هافينغتون بوست العربي” قام بإزالة هذا النص من موقعه وذلك بعد أن قامت (كاميرا العربية) بالتواصل مع إدارته وتزويدها بالحقائق التي تثبت عكس ذلك.

ترى، ما هي حقيقة الأمر؟

لا يوجد أي حزب من الأحزاب والجماعات السياسية الإسرائيلية اليمينية، يعتمد في برامجه أي مبدأ يقول إن إسرائيل تمتدّ من الفرات للنيل. وحتى حزب “ياحاد” (“معاً” بالعربية) برئاسة وزير الداخلية الأسبق إيلي يشاي والذي يحتل موقعه في أقصى اليمين الإسرائيلي، والذي لم يتمكن من دخول الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بسبب عدم تجاوزه نسبة الحسم التي تعادل 3،5% من الأصوات، لا يؤمن بهذه العقيدة. كما ان “هافينغتون بوست” نفسه نشر مقالاً عن حزب “البيت اليهودي” بزعامة وزير التربية والتعليم “نفتالي بينت” لم يشر إلى أن الحزب اليميني المذكور يؤمن بما يسمى”إسرائيل الكبرى”.

إن المجتمع الإسرائيلي منقسم بين يسار يؤمن بحل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، وأحزاب اليمين التي ترفض قيام دولة فلسطينية ضمن الحل الدائم للصراع. ويصح القول، تحرياً للدقة، إنه كانت ولا تزال هناك أصوات في اليمين المتطرف تنادي بترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية (مناطق “يهودا والسامرة” وفق تعبيرهم) وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة عليها أيضاً، لكن حتى غلاة المتشددين لا يتحدثون عن دولة يهودية تمتدّ إلى ما يتجاوز حدود ما كانت إسرائيل قد احتلته عام 1967.

خلاصة القول : إن الطيف السياسي الإسرائيلي بمجمله منقسم على نفسه في مسألة السيادة على الضفة الغربية (بينما لم يعد حتى اليمين المتطرف ينظر بجدية في فكرة العودة إلى السيطرة الإسرائيلية المباشرة على قطاع غزة بعد خروج إسرائيل منه عام 2005) . اما “اسرائيل الكبرى” فهي أسطورة سياسية لا تمت للواقع والحقيقة بأي صلة.

أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *