كتبت: هدار سيلع
كما يعلم القارئ العادي (غير المتخصص)، فإن تغطية بي بي سي للشئون الفلسطينية الداخلية هي، على أقل تقدير، في حدها الأدنى. إن التقارير المستقلة حول موضوعات، مثل القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، داخل المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، التي لا يتم وضعها في سياق “النزاع” وليس لها عنصر متعلق بإسرائيل، هي بالتأكيد تقارير مستقلة.
وقد ظهر أحد هذه التقارير النادرة في قسم شئون “الشرق الأوسط” بموقع بي بي سي نيوز، يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تحت عنوان “قطع رأس المِثلي الفلسطيني أحمد أبو مرخية في الضفة الغربية“، ونشرت نسخة مترجمة من نفس المقال على موقع بي بي سي عربي في نفس اليوم. وبينما يقدم التقرير غير الموقّع باسم الصحفي (التقرير لم يوضح من هو المعد أو الصحفي الذي كتبه) رواية معقولة لقصة مقتل فلسطيني كان يعيش تحت حق اللجوء في إسرائيل، فقد وجد قرّاء نسخته الأصلية أيضاً ما يلي:
“المثلية الجنسية مرفوضة داخل الأجزاء الأكثر محافظة اجتماعيا ودينيا في كل من المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي”.
وقد قدمت مؤسسة “كاميرا العربية” شكوى إلى هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، مشيرة إلى أن الإشارة إلى إسرائيل ليس لها أي علاقة بتلك القصة، لأن “الأجزاء الأكثر محافظة اجتماعيا ودينيا” في المجتمع الإسرائيلي لم تكن متورطة في جريمة القتل هذه. وتمت الإشارة أيضاً إلى أنه عندما نشرت هيئة الإذاعة البريطانية تقريرا عن مقتل المراهقة الإسرائيلية “شيرا بانكي” في مسيرة الفخر (مسيرة المثليين) في القدس عام 2015، لم تتضمن أي إشارات غير ذات صلة بالجماعات المناهضة لمجتمع المثليين في المجتمع الفلسطيني.
والجدير بالذكر، أن بي بي سي عربي نفسها نشرت أيضًا في عام 2019، نتائج استطلاع للرأي أجرته شبكة “الباروميتر العربي”، الذي بموجبه يقبل ويوافق 5٪ فقط من فلسطينيي الضفة الغربية بحقيقة المثلية الجنسية، وهو أدنى معدل من بين جميع البلدان والأقاليم العربية التي شملها الاستطلاع (توضيح: “الباروميتر العربي” هو شبكة بحثية غير حزبية تقدم رؤى حول المواقف والقيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمواطنين العاديين في مختلف أنحاء العالم العربي، وقد أجرت الشبكة استطلاعات للرأي العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ عام 2006). وبالمقارنة، وجد استطلاع للرأي أجراه مركز “بيو” عام 2020، أن المثلية الجنسية تحظى بالقبول بين 47% من الإسرائيليين، أي أكثر من 9 أضعاف هذه النسبة. كما أيد بعض المعلقين عبر حسابي فيسبوك وتويتر التابعتين لقناة بي بي سي العربية مقتل أبو مرخية.
وجاء الرد الذي ورد من بي بي سي على النحو التالي:
شكراً لتواصلك بشأن مقالنا الذي تم فيه قطع رأس المِثلي الفلسطيني أحمد أبو مرخية في الضفة الغربية.
لم يكن هناك ما يشير إلى أن إسرائيل أو الإسرائيليين كانوا مسئولين عن مقتل السيد أبو مرخية، ويوضح الجزء المشار إليه في المقال سياقاً إقليمياً أوسع، وهو ما اعتبرناه ذا صلة، نظراً لأن القصة تشير أيضاً إلى أن:
نحو 90 فلسطينيا من مجتمع المثليين يعيشون حاليا كطالبي لجوء في إسرائيل، بعد تعرضهم للتمييز في مجتمعاتهم الأصلية.
وأضافت بي بي سي في معرض ردها على مؤسسة كاميرا العربية: ״لكن بعد النظر في رسالتكم (شكواكم) قمنا بتعديل هذه الجزئية لنقول الآن:
“المثلية الجنسية مرفوضة داخل الأجزاء الأكثر محافظة اجتماعياً ودينياً في كلٍّ من المجتمعين، الفلسطيني والإسرائيلي، لكن المثليين في إسرائيل يمكنهم أن يعيشوا حياتهم بحرية”. وذلك من أجل إعطاء القرّاء فكرة أكبر عن سبب سعي السيد أبو مرخية وآخرين للحصول على اللجوء في إسرائيل”.
وقد تم إجراء هذا التعديل على النسخة الإنجليزية من التقرير بعد خمسة أيام من صدوره للمرة الأولى، ومع ذلك، حتى وقت كتابة هذا التقرير، لم يتم تعديل النسخة العربية من التقرير.
تحديث:
وتم تعديل النسخة العربية من التقرير في 13 أكتوبر.
أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع “CAMERA UK” التابع لمؤسسة “كاميرا”.