انحياز كامل ضد إسرائيل من جديد في تغطية “فرانس 24” باللغة العربية للمواجهة العسكرية الأخيرة بين إسرائيل وحركة حماس

في حديث تحليلي أدلى به محرر الشوون الدولية في قناة “فرانس 24” باللغة العربية خالد الغرابلي، في سياق تغطية القناة الفرنسية الحكومية للمواجهة العسكرية الأخيرة التي دارت بين إسرائيل وحركة حماس، أظهر الصحفي مرةً أخرى انحيازاً لا لبس فيه ضد إسرائيل يفتقد للحد الأدنى من المهنية الإعلامية، كما أنه بدى وكأنه يدافع عن حماس في سابقة غريبة من نوعها على شاشة أوروبية رسمية.

مداخلة محرر الشوون الدولية في قناة “فرانس 24” باللغة العربية خالد الغرابلي المشار إليها.

أولاً، ادعى خالد الغرابلي بثقة غير مفهومة إن “حماس والفصائل الفلسطينية هي التي انتصرت” في المواجهة العسكرية التي دارت بين حركة حماس التي تحكم قطاع غزة وإسرائيل في منتصف العام الماضي. مضيفاً إلى أن حماس استمرت في إطلاق الصواريخ على إسرائيل على مدى أيام رغم تدخل الجيش الإسرائيلي بمئة وستين طائرة في آنٍ واحد، حسب قوله. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: بناءً على ماذا يقرر هذا الصحفي المتسرع من هو المنتصر في تلك المواجهة التي لم تكن قد انتهت بعد؟ منذ متى تقوم القنوات الإخبارية بتوزيع الانتصارات والهزائم على الأطراف المتصارعة بدلاً من سرد الوقائع والمعلومات الموضوعية؟ يبدو أن هذا نمط جديد من الإعلام الموجه.

ثانياً، يتحدث الغرابلي عن المواطنين الإسرائيليين من أبناء المكون العربي واصفاً إياهم بالمجتمع “الفلسطيني في الداخل”. لا يوجد شيء اسمه “داخل” و”خارج”. إسرائيل دولة مستقلة معترف بها دولياً، ومن يحمل جنسيتها فهو إسرائيلي، بغض النظر عن انتماءه الديني أو القومي، أو عن محل ميلاده. مرةً أخرى، يقوم الصحفي المصري الحمساوي الهوى باستخدام مصطلحات مُسَّيسة ومُأدلجة في تقرير صحفي يُفترض أن يكون موضوعياً ومهنياً.

ثالثاً، يدعي الغرابلي، والذي اشتهر بتعليقاته العبثية، أن تلك الحرب اختلفت عن كل ما سبق لكونها قد سمحت لحماس “بالدفاع عن قضية المقدسات” الإسلامية في حين أنها وحتى بدء تلك المواجهة كانت “تحارب [فقط] من أجل تخفيف الضربات الإسرائيلية” على الفلسطينيين! هل السيد الغرابلي قرأ جيداً التاريخ وأدبيات حماس بدأً من ميثاقها الذي يدعو بتدمير إسرائيل وقتل اليهود؟ ادعاءه يصور حماس على أنها منظمة خيرية كل ما تقوم به هو الدفاع عن الفلسطينيين من تهجم إسرئيل عليهم، في حين أن حماس هي التي تسببت في كل المواجهات التي دارت بينها وبين إسرائيل، من خلال مبادرتها بإطلاق الصواريخ والقيام بأعمال قتل وإرهاب في إسرائيل، حتى في ذروة التقدم في عملية السلام في تسعينيات القرن الماضي.

رابعاً، يدعي الغرابلي أن السلطة الفلسطينية ضعيفة وأن رئيسها محمود “عباس منعزل”، في حين أن “حماس تقدم نفسها على أنها حامية الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية”. يقاطعه مقدم النشرة الإخبارية، رفيق سحالي، قائلاً: “من الناحية الأخرى، هناك من ينتقد حماس…” الشيء الذي يدل على أن حتى المقدم انتبه لتحيز الغرابلي في صف حماس، ضد إسرائيل والسلطة الفلسطينية في آنٍ واحد. والسؤال هنا: هل الغرابلي صحفي محايد ومهني، أم أنه ظهر على الشاشة ليعرض وجهة نظر حماس؟!

خامساً، حينما سأله رفيق سحالي عما إذا كانت حرب حماس على إسرائيل قد أفقدت الحركة شعبيتها، أجاب الغرابلي بالنفي قائلاً إن الشعب الفلسطيني داخل غزة وخارجها متضامن تماماً مع حماس. فكيف لصحفي يعمل في باريس أن يقيس بدقة مدى شعبية حماس في الشارع الفلسطيني؟ هل أجرى استفتاء أو استطلاع رأي؟ أم إنه يعتمد على صور وتعليقات تأتيه من غزة؟ وهل لها قيمة من الناحية الموضوعية؟ وهل تتمتع غزة بحرية التعبير التي تسمح للمواطن العادي أن ينتقد حماس علناً؟ أم ربما الغرابلي هو الذي يحب حركة حماس ويتمنى لو كان الجميع متضامناً معها؟! وللعلم فإن حماس منظمة إرهابية وفقاً للقانون الفرنسي والتضامن معها يُعد جنحة.

صدق الدبلوماسي السعودي المخضرم د. سعود كاتب حينما قال: “كثير من القنوات الدولية أفقدتها النسخة العربية مصداقيتها.” حيث استقطبت هذه القنوات الكثير من الهواة الذين “نقلوا مشاكلهم وأجنداتهم وهمومهم إلى هذه القنوات فأفقدوها الكثير من مصداقيتها“، بحسب وكيل وزارة الخارجية السعودية سابقاً.

أما عن تعليقات المشاهدين على رابط الحوار في تطبيق يوتيوب، فأكثر من 95% منها تحمل التأييد لحماس، التحريض على الإرهاب والكراهية أو تشكر الصحفي خالد الغرابلي على “دفاعه” عن حماس، كالتعليق التالي (cobra R34): “منذ وقتٍ طويل لم نشاهد مصرياً شريفاً (بالإشارة إلى السيد الغرابلي) يدافع عن المقاومة (أي حماس)”. معلقٌ آخر ينعت الإسرائيليين بالفئران، والثاني يتمنى لو كان يجيد صناعة الصواريخ ليدعم حماس، والثالث يدعو بارسال السلاح والعتاد إلى الجهاديين في غزة… يحتوي الرابط على 465 تعليقاً حتى اليوم، أغلبها تقشعر لها الأبدان.

إن مثل هذه “التحليلات” السطحية قد تصدر عن سائق شاحنة مناصر (أو بالأحرى متعصب) لحماس ولكنها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمثل قناة فرنسية مسؤولة. وعليه تطالب مؤسسة “كاميرا” قناة “فرانس 24” مرةً أخرى باتخاذ التدابير اللازمة لعدم تكرار مثل هذه الممارسات في المستقبل، حيث أن هذه الطريقة في عرض الأحداث وتغطية الصراعات تفقد القناة الإخبارية مصداقيتها أمام العالم. كما أنها تطالب القناة بحذف التعليقات المشار إليها.

بقلمد. مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في أورشليم القدس ومستشار بمؤسسة “كاميرا”.

أنظر إلى التقرير المنشور بالإنجليزية على موقع مؤسسة “كاميرا” بالإنجليزية.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *